((انكسار الروح ووجع الحنين))
في رحلتي الاخيرة لمنطقة لارا التركية استوقفني مشهد لشاب في احد البسطات على رصيف الشارع الرئيسي قبالة فندق الدلفين امبريال. وجذب انتباهي رغم قصر قامته وشعره الأجعد سرعة حركته واستجابته لمطلب السائح لا بل ايضا براعته في جذبهم اليه واستقطابهم لشراء تذاكر الباص وتذاكر الرحلات بسهولة ، فلغته العربية تسهل عليه ذلك.
بدأ زوجي بسؤاله عن ثمن البطاقات بينما أسندت راسي على الطاولة وبيدي قطعة من الحلوى ناولته اياها فحياني بأدب شاكرا الفضل فسألته برقه من اين انت؟؟ فأنت تجيد العربية ؟؟
وكاني بسؤالي فتحت له دفاتر الذكريات وأيقظت بقلبه الحنين لأيام الاسرة والبيت وهو يجيب "لاجئ خالتو" بس بعرف تركي منيح.
حييته بأدب وهو غارق في تعبئة التفاصيل . واذ بي أفاجأ برسمه وشم على ذراعه (( لكل شئ بديل ما عدا أبي )) . رمقته بنظرة حانية وقلت
له صدقت : فالاب لا يعوض بمال الكون .
لم اكن ادري أن هذه العبارة ستفجر له منابع الدمع في العيون، فمشاعر الاسى والغربه محفورة داخل القلب.
رفع رأسه ونظر الي وقال : لا شئ يعادل ضحكة ولمسة يد حنونه لأبويك تلامسك لاستنهاضك في الصباح. وتقدم لك الشاي في المساء عند عودتك للبيت. الأب سند خالتي.
"((والغربه وحشه ومذله للي بتخونه الايام .))
((الغربه مضيعه الأصول يا خاله.)
هينا بنقاتل بالدنيا والدنيا بتقاتل فينا . بنحاول نتسلق على جذوع الاشجار العتيقه مثل الطحالب بلكي نصير جزء منها بعد ما تشعبت فينا مسالك هالحياه وتشعبت دروبها.
بنحاول نكون زي هالصخر وما ننكسر .متكلين على ربنا حامينا. "
قلت له مرددة: ربي يحميك ويسهل غمرك ويعطيك .
ثم اطرقت برأسي جانبا وانا أفكر بهذه العبارات وبهذا الشاب الذي يحاول جاهدا ان يقول للدنيا التي خانت بلده وعائلته وقذفته في الشتات يصارع الايام بجلادة وصبر .
لن تهزمي طموحي ما دمت على قيد الحياه فالفرص متاحة وسأجرب كل شئ للنهوض بذاتي الممزقه على عتبات الأمس وأحيك لي ثوب الأمل ممزقا ستارة الليل عائدا للوطن ولحضن الابوين من جديد. انها عزيمة الشباب والاصرار على الحياة
فيا ليت ابناؤنا يدركون معزتهم في قلوب الآباء لما جعلونا نتألم عليهم وهم يسارعون للموت في حوادث الطرق وساحات الاقتتال والعربدة التي تنخر اليوم في مجتمعنا.
رفقا ايها الشباب بقلوب الأمهات والآباء ودمتم في حفظ الرب.
بقلم: فاطمة كيوان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق