الأحد، 12 ديسمبر 2021

المحاضرة الثانية من سلسلة محاضرات فلسفية بعنوان البيان في الأكوان بقلم رماز الأعرج

 تحية عطرة مفعمة بالأمل والتقدم نحو الأهداف السامية ,

نسمات فلسفية ,

سلسلة محاضرات فلسفية (المحاضرة 2 ) 

 (البيان في الأكوان) 

رماز الأعرج , 

كيف نبدأ ومن أين ...؟

جرت العادة دوما أن نبدأ في المعرفة من ذاتنا , من أين نحن الآن , ننطلق من حيث نحن إحداثيات ومعرفيا و زمنيا ووجوديا , هذا يبدو طبيعي حتى الآن ,, ولكن دعنا ننظر زاوية ثانية للأمر , نحن ننطلق دوما من معارفنا وتفكيرنا دوما من كوكب الأرض أي من مستوى تطور الحياة على هذا الكوكب , ونعتبر هذا الكوكب هو منطلقنا للمعرفة

و البحث لكشف الحقائق عن الأشياء الموجودة على الأرض ومن حولنا في الفضاء و حقيقة الكون .

ولكن لو نظرنا إلى الأمر ابعد قليلا من ذلك أين كانت الأرض مثلا قبل هذا الموقع الإحداثي الحالي, وماذا كانت والمجموعة الشمسية كذلك , بل والمجرة بكاملها , أننا نظريا قادرين على فهم ذلك كله بل أصبح متوفر لدينا معرفيا كمعلومات نظرية رصدية للواقع مباشرة ومعادلات نظرية ورياضية تعطينا النتائج القريبة جدا للحقيقة والمسار العام لذلك فيما لو غضينا البصر عن جملة من التفاصيل الغير ممكنة بحكم صعوبة تتبع تفاصيل رصدية عن حركة التشكل والتحلل للمواد والعناصر أثناء مسيرتها وتطورها حتى وصلت إلى الشكل الحالي الذي هي عليه .

معرفيا لدينا القدرة والمعلومات ولكنا لا نريد القيام بذلك إراديا أما لكوننا اعتدنا على ذلك وحسب , أو لأسباب أخرى قد تكون كثر ولكن في النهاية هذا يعني أن هناك خطاء ما زال شائع في طريقة تفكيرنا , بحيث اتسعت معارفنا كثيرا ولكنا ما زلنا نعتمد نفس المنهجية السابقة القديمة التي قد تصل إلى ألاف السين في قدمها لبعض القضايا .

نرى بكل وضوح أننا نبدأ دوما من الوسط , أي من المكان والمستوى  الذي نحن به , بل ونعتبر أننا ذاتنا مصدر جميع هذه المعارف و النواميس في بعض الروية الفلسفية الشرقية والغربية , و إذا أردنا أن نحقق المعرفة عن الكون والوجود للكرة الأرضية و الحياة عليها علينا أن نتعرف على  أصولها ومن أين جاءت أولا وكيف وصلت إلى هنا إلى هذا المكان الذي نحن به اليوم , أي علينا قلب طريقة معارفنا والبداية من الأصل , أي من البعيد جدا في الزمان والمكان الزحكان علينا العودة إلى 13,8  مليار عام مضت تقريبا , حيث بدايات التشكل الأول للعناصر, هنا كانت البداية.

ومن هنا جاءت الأرض في الأصل , وتركبت المواد والعناصر وتعقدت متصاعدة حتى وصلت بنا إلى ما نحن به اليوم على كوكب الأرض .

أن هذا الانقلاب في التفكير ومن أين نبدأ وكيف يشكل الخطوة الأولى  و الأساس في عملية إعادة منهجية التفكير الإنساني وتطويره مع مستوى تطور العصر والمعارف العلمية.

من هي أصعب العلوم  ؟؟

جرت العادة واعتدنا دوما أن نعتقد ونفكر بشكل تلقائي أن الفيزياء والكيمياء هي أصعب العلوم والمعارف الإنسانية

و أكثرها تعقيد وعصيان على الفهم , هذا ما هو شائع في العادة , ولذلك تجد أن الطلبة الضعاف في المواد العلمية يتجهون إلى دراسة العلوم الإنسانية والمجتمعية , بدل تطوير قدراتهم العلمية  إذا  كان لديهم الرغبة في الدراسة في هذا المجال أو ذاك , فالرغبة تشكل العامل المحرك للإرادة وحشد الطاقات لتحقيق الهدف المنشود .

هذا ما يحصل في الواقع , ولكن في الحقيقة أن العكس هو الصحيح , أي أن الفيزياء والكيمياء هي أسهل العلوم واقلها تعقيد من حيث المبدأ , وذلك بحكم ثبات قوانينها النسبي الذي يصل في بعض الأحيان إلى شبه الثبات المستدام مثل سرعة الضوء مثلا والكثير من قوانين الفيزياء , وجدول مندليف  للعناصر الذرية اكبر مثال على ذلك , بل استطعنا من خلال حساب ومعادلات هذه النواميس أن نصل إلى حساب عمر الكون والمسافة بيننا وبين مركز مجرتنا , بل ومكننا حساب المسافة من موقعنا حتى أطراف الكون الذي نعرفه حتى الآن , هذا كله بسبب ثبات نواميس الفيزياء والكيمياء ورغم مساحة التنوع الممكنة والمحتملة فيها تبقى من الممكن التنبؤ بحركتها ومسارها وفهمها نظريا لملاين السنين الخالية وحسابها بدقة نظرية مذهلة تمكننا من معرفة عمر الكون ذاته تقريبا.

ولكن ما أن ننتقل إلى عالم البيولوجيا والتفاعل الحيوي و ألبروتيني والتركيب العضوي للأشياء والظواهر حتى ينفتح أمامنا كم هائل من التعقيدات والاحتمالات والتنوع الممكن والمحتمل , أنها خصائص عالم جديد وشكل حركة جديد مركب من التفاعل السالف الذكر للعناصر , أي أنها نتاج للفيزياء و الكيمياء وتفاعلها ومسار تطورها ووجودها , وفي ظروف ما تشكل التركيب الأول للوجود الحي , ومنها أنطلق كل شيء حي , ويبدأ تفرع التنوع و التعقيد و التداخل الذي يصبح ليس من السهل رصده كما كان في الفيزياء والكيمياء , فتلك الأشكال للوجود الكوني والحركي ليس سوى الأشكال البدائية الأولية للحركة والوجود الكوني الذي سار نحو التعقيد بشكل مضطرد و متسارع وواصل تعقيده حتى وصل

إلى ما نحن به اليوم .

ومع ظهور التنوع و التعقيد ظهر المجتمع البشري وظواهر الفكر والوعي والإنسان المثقف العاقل , وهذا من اعقد أشكال الوجود الكوني وليس ابسطه.

نرى الآن بكل وضوح أين و بأي موقع تأتي العلوم الاجتماعية و الإنسانية في العلوم, لذلك بات من الملح اليوم في هذا العصر أن نطور مستوى  وطريقة تفكيرنا وفهم الحقيقة  كما هي , وتفهم أن اعقد المعارف والعلوم هي تلك العلوم المتعلقة بالمجتمع و الفكر و الإنسان العاقل بالتحديد , بحكم نسبيتها وكثرة تنوعها واحتمالاتها الغير محدودة أحيانا .

سديم



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

فلكِ قصائدي بقلم علاء فتحي همام ،،

فلكِ قصائدي / أهيم تائها بخيالها   وجمالها يجول ويُصخِب يدنو نحوي يُداعبني ولعينيّا يُسامِر ويَجذِب والدموع تشكو فِراقا  فنهر العشق لا يَنض...