الأربعاء، 26 يناير 2022

الحدس الغريزي المنطقي 1 بقلم رماز الأعرج

 تحية الأمل والفكر والإرادة

الشيفرة الكونية 

رماز الأعرج , 

استكمال موضوع التفكير الحدسي المنطقي     

1 الحدس الغريزي الإدراكي

هناك الكثير من القضايا التي ما زالت غامضة رغم قدم اكتشافها لدى الحيوانات.

و نستحضر مثلاً على ذلك القطط.

لقد لاحظ المصريين القدامى أن القط حيوان حساس للغاية و انتبهوا إلى أن سلوك القطط يتغير قبل وقوع الفيضان للنيل.

و إضافة إلى قدرات القطط من قوة الجسد إلى المرونة والحركة إلى الاسترخاء.

و لهذا اعتبر القط من الحيوانات المقدسة في الثقافة الفرعونية القديمة.

و لكن ما هو حدس القطط في اكتشاف حدوث الفيضانات.

إن القط حيوان شديد الحساسية و حين ينام يسترخي على الأرض بشكل كامل يجعله يشعر بأي حركة فوق سطح الأرض أو داخلها عن مسافة بعيدة, و بما أن الفيضان يسير من مسافات بعيدة جارفاً معه وفي طريقه أطنان وكميات هائلة من الطين والحجارة والأخشاب وغيرها مما يحدث ضوضاء عارمة, فالقطط تشعر بهذه الحركة و الاهتزازات قبل وصول الفيضان بوقت ما , فترتبك و تحاول الهرب أو البحث عن مكان للاختباء لكونها تشعر بضوضاء الحركة القادمة.

إن الإحساس المادي هو ما شكل لديها هذا الإدراك لقدوم الخطر, إنها لم تدرك نوعية الخطر القادم تحديداً و لكنها حتماً شعرت أن هناك خطراً قادماً مع هذه الضوضاء و الحركة التي شعرت بها من خلال اهتزازات الأرض التي لا نشعر بها نحن إن الحيوانات تقراً الطبيعة بغرائزها و تشعر بوقوع خطراً ما, كأن تشم الحيوانات رائحة النار فتهرب عكس الرائحة قبل بمسافة من وصول النار إلى مناطقها, و لدى البشر أيضا, فحين أرى الغيوم ملبدة في السماء و الرياح تجري باردة و رطبة نتوقع بحدسنا أن تمطر قادم لا محالة.

إن هذا الحدس لم ينتج عن فراغ, إنها حقيقية و الحقيقة موجودة موضوعياً و لكي أصلها لا بد من معرفة أولية ما, و هذه قد توفرت, الغيوم و الرياح و البرد إنها عوامل و مؤشرات حفزت الحدس فوقع الحدس و تلاه وقوع الحدث الذي شعرنا به قبل وقوعه.

إن الحدس الغريزي تسببه العوامل الخارجية الطبيعية و الغريزية البحتة فمثلاً عندما يؤلمني بطني من البرد و أصاب بالمغص ففي الغالب لن تقبل نفسي و معدتي الطعام مهما كان لذيذاً, إنه شعوراً ينتج عن حالة ما يعيشها الإنسان أو الحيوان و ليس مقتصراً على الحيوانات بل على الإنسان أيضاً.

إن الحيوان يتمتع بحدس غريزي أعلى بكثير من الإنسان, لقد أدى اعتماد الإنسان على العقل و المنطق إلى ضمور و ضعف حدسه الغريزي و لكنه بقي محافظاً على وجوده في الكثير من المظاهر, فالأم أثناء نومها تستيقظ مع أول حركة تصدر عن ابنها النائم في مهده إلى جوارها , رغم أن أي حركة أخرى أكثر ضوضاء من ما يحدثه طفلها و لكنها لا توقظها.

و قد أثبتت الكثير من الدراسات أن غالبية النساء توقظها أقل حركة من طفلها الرضيع و ذلك بسبب ارتباط حواسها به و بحركته, إن هذه الروابط الأولى الغريزية مثل الأمومة و الحب و غيره من المشاعر الوجدانية الإنسانية تشكل أساس الحدس الإنساني الغريزي و هذا ليس بعيداً عن طبيعته لدى الحيوانات الأخرى و إن كانت لا تمتلك القدرة على التفكير المجرد.

و تجدر الإشارة إلى أن الحدس التجريدي ما زال في بدايات اكتشافه و مع الزمن سيتم الكشف عن الكثير من خفاياه و لكن الآن مستوى تطور البشرية لا يسمح بأكثر من ذلك و هذا ليس محالاً  و جهلاً بقدر ما هو ظروف ومستوى تطور البشرية.

2 الحدس المعرفي التجريدي

و كما الحدس الغريزي له محفزاته و ميزاته المادية الانعكاسية كذلك الحدس المعرفي و التجريدي, إن الحدس المعرفي ينتج عن معرفة مسبقة و تجربة حسية يعيشها الإنسان.

فحين أرى الغيوم و حركة الرياح فأنا قد عشت هذه التجربة سابقاً و أعلم أن هذه المظاهر يتبعها المطر و بذلك فإن حدسي الحسي قد قادني إلى الحدس المعرفي, أي أن تجربة ما سابقة هي ما جعلني أحدس بأنها ستمطر بعد قليل, فالحدس المعرفي ينتج عن معرفة و تجارب سابقة أما لنا مباشرة  أو للآخرين, و نكون قد عرفنا جزء  كبير من أسباب هذه الظاهرة أو ما يرافقها من تفاعلات و ظواهر مرافقة.

إن وصولنا للحقيقة لم يأتي من فراغ أو من تأمل صوفي, بل نتج هذا الحدس عن واقع ما و إشعارات ندركها و رؤيتنا لها ستؤدي إلى توقعنا بحدوث العاصفة, و لكننا لن نستطيع الحسم بكم ستحمل من المياه تماماً وبدقة أو كم ستستمر من الوقت تماماَ فهذه جميعها تبقى نسبية فقد نقرأ شدة العاصفة و نقول عاصفة قوية جداً أو متوسطة أو أمطار مع رياح نشطة أنها مجرد حدس.

و لكنها جزء من الحقيقة النسبية أما الحقيقة عن هذا الأمر الغير حدسية فهي تلك الحقيقة التي يمتلكها علماء الأرصاد الجوية الذين يمتلكون معلومات و أجهزة و خبرات تمكنهم من معرفة الحقيقة بدقة أكثر و بذلك تصبح حدسيتهم حقيقية و أكثر دقة من حدسيتنا العفوية عن الحقيقة, فهم يمتلكون الحدسيات المجردة و العلمية أي المعلومات و الخبرات التي راكموها بحكم عملهم في هذا المجال.

إن الحدس المعرفي و التجريدي يشكلان أساس عمليه الحدس العلمي

3 الحدس العلمي ألابتكاري

الحدس هو أحد أشكال المعرفة لدى الإنسان و يختلف باختلاف درجة المعرفة و نوعيتها, فهناك حدس  يكشف الحقائق كاملة أو شبه كاملة و حدساً آخر لا يكشف سوى جزء احتمالي إمكاني للحقيقة و هذا الأخير يبقى في نطاق المراحل السابقة للمعرفة و الحدس.

أما الحدس العلمي فهو ذلك الحدس الذي نتوقعه بناء على علم و معرفة أكيدة لكثير من الدلائل فتكون توقعاتنا له حاسمة و أكيدة بنسبة عالية جداً تصل لمعرفة الكثير من المعلومات المسبقة عن الحدث قبل وقوعه و ذلك بسبب اتساع الحصيلة المعرفية و العلمية المتوفرة للحدس.

و هذا الحدس المتقدم يقودنا إلى الحدس ألابتكاري حيث أننا نصبح قادرين على استنتاج و توقع نتائج الأحداث فيما لو تدخلنا نحن بطريقة ما و بذلك نكون قد انتقلنا من الحدس العلمي إلى الحدس ألابتكاري.

يتبع الجزء الثالث 

رماز الأعرج ,



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لا حُدودَ لها بقلم محمد الدبلي الفاطمي

لا حُدودَ لها دَقَّتْ طُبولُ حُروبِ القَرْنِ يا عَربُ والنّارُ عَسْعَسَ مِنْ طوفانِها اللّهَبُ تَوَسّعَتْ حَوْمَةُ المَيْدانُ فاتّسَعَتْ وال...