في عيد حياتي
شتان ما بين الولادة و الحياة ...
يوما ما دخلت المعترك من دون اية أسلحة الا من دموع بريئة و صرخة ألم ...
قطع ذاك الحبل السري الذي كان يشدني الى روح أخرى لما يزيد عن تسعة أشهر ...
فانطلقت وحيدا أشق طريقي المعبد ، تأقلمت و انصهرت مع حيثيات الزمان والمكان ، ظننت للوهلة الأولى أنني أسيطر على كل الاحاسيس و الأشياء التي تحيط بي ...
كنت واهما او لنقل مفرطا في بذل الثقة ،
بدا لي في لحظة ما أنني أنتهج الطريق الصحيح ، تبنيت افكارا و آمنت برؤى كنت أراها الاصح ...
حلمت بغد افضل و حياة طوباوية ساحرة ...
كبرت افكاري ففاقت حدود الواقع ،
كنت أنتشي و انا أصارع العنقاء في برك من الخيبة و الإنكار ،
سرت و سارت الحياة الى جانبي كما لو انني أنا السيد و هي التابع ...
وفجأة بدأت الاوراق بالذبول ثم بالتسافط المدوي ، ظننت للوهلة الأولى ان الامر مجرد استنتناء وان السماء لن تمطر حزنا بعد هذا المساء ،
تأبطت خيرا و مضيت احلم كما يفعل الاخرون ،
لكن النزيف لم ينقطع ...
انثالت الهزائم واحدة تلو الأخرى ، فانهار كل شيء ،
لم تعد تحتويني تضاريس الحياة
ولا تلك الوجوه الكاذبة التي تبتسم رغم مرارة الأحداث تستهويني ...
لم تكن نهاية بالمفهوم التكتيكي للزمان ، لكنها كانت بداية أكثر غرابة من الحياة نفسها...
بداية لحياة لم تتجسد منذ الولادة ...
انتظرت كل هذه السنين فتجرعت كل هذا السيل العرمرم من الألم ثم اكتوت بفوضى الأحتراق لتولد على حين غرة ،
كانت الولادة قرب أسرة الموت وسط ذبول النظرات و صراخ الرحيل ...
طقوس غريبة و بيئة استنائية اتثت لهذا المخاض...
ولدت يوم كان الرحيل ، وكان ميلادي شهادة موت بتاريخ مؤجل ...
لم اصرخ هذه المرة لان كل مدامعي شاخت و نضب مائها من كثرة العويل..
لكنني ولدت و عانقت الحياة كغريق أبى ان تحتويه لجج البحر و تذيبه ملوحة الخلايا البحرية.
كانت الولادة في زمن آخر غير الذي تعارف عليه الناس...
قد تكون مصادفة ان اكتب هذا اليوم عن ميلادي رغم انني أعلم ان الزمن لم يكن منصفا يوما ، حتي في الفصل ما بين حياتي وولادتي...
المصطفى وشاهد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق