الخميس، 3 فبراير 2022

رحلة بلا حدود بقلم كامل حسانين

...و..."رحلة بلا حدود" ،فقير إلى الله ،يقطن" مصر العربية" ،لا يزال يهدي نتاجها ،  اسمه "كامل حسانين"...و... 
كان لا يزال يهيم على وجهه بساحة  تلك" البقعة  العجيبة" من متسع البسيطة الهائل ،والذي يحوي بين طياته" نهر الموت" و "بحيرة الهلاك" و "الهوة المتقدة" و "الغدير العذب" و الكثير و الكثير  ، حيث لا يمسه من مكوناتها ما يبهج خاطره ،ولا يتذوق من نعيمها مذاقا يطيب له فؤاده، أو حتى يرضي ذائقته،  و "الفارس الملثم" صديق دربه و عمره يمسك بمعصمه مقبضا يده  بيده ،و " الرحالة" يأنس له ويشعر بأمان رفيق عمر  لا يحمل له سوى الود الخير ،ولا مصلحة  يرجوها من رفقته الجميلة ،حيث قال الأخير  وهو يكاد يفقد وعيه، ويغيب عن الوجدان ، وعلامات الوجوم و الوجل  والاعياء قد رسمت فوق قسماته البريئة:
_ أين تراك تكونين "ذات البساط السحري فاطمة"؟!...أين مني بسمتك و رقتك ،وعطفك و حنانك ،أين احتواءك لي ، ونثر عطر ورودك في روضة عمري؟!.
كان صديق عمره يستمع منصطا إليه و هو يغالب دموع مقلتيه وحنين قلبه المتقد حزنا عليه ،و أنين كيانه الذي أرقه مذ مس صديقه الضر ،فالتفت إلى "جواده الأبجر"  وكأنه يريد  أن يخفي هذا الغيث المنساب فوق و جنتيه ،و ذلك السيل المتدفق المدرار  كمجرى نهر سلك درب خديه، و"الجواد الأبجر"يلاحظ هذا فيصهل ويئن ويداعب بشعره الخيلي "الرحالة " ،ثم يميل حانيا  و ملاطفا" الفارس الملثم" ،وكأنه يهدأ من روعه ثم ينشد واصفا ما يجيش بصدره في حنين وشبه بكاء : 
_ أنا "الجواد الأبجر "
و إن لوني أسمر 
إن جاء يكسو روضنا 
و يهدي لونه أخضر 
فهو الربيع و حسنه 
هذا غديره يسكر 
"رحالة" بلغ الأسى 
والي يدنو و ينظر 
وتبين دمعة مقله 
في خد ذاته تمطر 
حزنا يحيق بصحبه 
ويرى يميل و يشعر 
بأن قلبه يألم 
وبأن يذوب الخاطر 
إن" الملثم" يعشقه
"رحالة" يتأثر 
و تراه يبكي "فاطمة" 
آن البعاد و يكثر 
حتى الجراح يزيدها
وكل أمل يخسر
كن يا حبيبي كزهرة 
تهدي العطور و تنثر.
كانا يستمعان لشدو الجواد وهما لا يصدقان ،هذا أمر عجيب ،شيء مذهل ،جواد ينطق متغنيا طروبا،هذا....  ...و...وفجأة ارتعد وزلزل كيان الرحالة، و برقت عيناه ،حين لمح بساط "فاطمة " يحلق في سلاسة و خفة ،يتسع سطحه و يضيق ويبرق و يخفت، و " الكائنات" عليه بشتى أنواعها  ، والمعلوم أن هذا "البساط" لا يتحرك و يعمل ويطير ويقوم بمهامه و معجزاته إلا إذا اعتلت ساحته المزخرفة "ذات البساط فاطمة"، سرى الأمل يداعب "الرحالة" ويلقي ظلاله عليه ،فغمرته سعادة وعم قلبه فرح و سعد،فهتف بكل ما يملك من قوة ،و في حماس منقطع النظير:
_  ...."فاطمة"...
يا ذات "البساط السحري"...
....أجيبيني يا غادة...
أنا "الرحالة" .....
تراقص" الجواد  الأبجر"في  ابتهاج و سعادة  و في رشاقة،وصفق "الفارس الملثم " يغمره السرور و الأمل ،وصف" الهدهد" و "ملكة النحل" و"الوصيفات" و "الشغالات" و" البطريق" و"أبو قردان" و"الحمامة الملونة المزركشة" أجنحتهم سعيدين مبتهجين،في حين تدلى شعر حريري تتقاذفه النسائم و تمسه في حنان ، من حافة" البساط السحري" الذي استوى كطائر عملاق يجيد السباحة في الفضاء و الغلاف الجوي بمهارة فائقة،فهفا قلب "الرحالة" و دق في غير انتظام وعلت و تيرته لما أحس أن تلك الجدائل جدائلها ،وهذا الأسمر الليلي هو حرير شعرها،ولكنه لم يسمع صوتها ،فلا يزال البساط السحري  يطير عند تحليق بعيد بعض الشيء،لكنه كان يمني نفسه برؤياها ومن فرط أن مسه الشوق بدأ ينشد لعلها تسمعه ،وهو يستعطفها, إن كانت هي أن ترحم نبضات قلبه المشتاقة:
_  هل أنعم معك بلقاء و موعد ؟!
و ألقى السعادة في أمل متجدد
فمري "البساط " أن يدنو مني 
إن لم يكن الغد فبعد غد 
بل قولي له اهبط الآن 
واسمعيه خطر قلبي المتفرد 
قد طال بعادك فما مصيرك ؟!
كمعذب أنا بل و حامد 
في الدهر وغاب عن قلبه سعد 
و كسيف صدأ  آه  مغمد
من فرط  حنين و بكاء أنين 
ليتها الأيام تدري مقصدي
ليت الدعاء يستجاب لي 
لأقضين العمر في المسجد
أو كنت أحارب كل العدا 
بسيف و قنا المهند.
 فدنا" البساط" و كأنه يستجيب و تجلت فوق سطحه الذهبي بل ولمعت  "الغادة  الحسناء" ،تالله لكأنها البدر ،وابتسامتها تعلو وجهها الملائكي وهي تطل في حنان ، و بريق عينيها يخطف اللب والخاطر ،و يأسر الفؤاد،وحور مقلتيها ينشر الضوء و الحسن ،وينثر الشذى و العبير،فتعجب" الرحالة" أيما عجب ،وهتف مضطربا مزلزلا و مرتعدا و خيبة الأمل ترتسم في وجهه:
_ أين "فاطمة"؟!.....، وكيف يحلق البساط بدونها؟!...... ياللعجب العجاب.
ثم غاب وشرد فكره وحار أمره، وهو يطيل النظر و يرنو للفتاة التي كانت فوق "البساط"..،قبل أن يستطردا مردفا و مغمغما في حزن:
_ كيف حدث هذا؟!.... ،أما من مجيب ؟!
.....كانت الفتاة في عجب من أمره ،وفي حيرة شلت لسانها و أخرسته ، وكبلت كيانها،فلم تستطع أن تنبس ببنت شفة لدقائق ، قبل أن تتمالك نفسها وتقول في حنان وشفقة:
_ لا أعرف عمن تتحدث ؟!!!!.... ،أنا أدعى" أمل"، ولقد وجدت هذا البساط السحري وكنت أظنه شيئا عاديا ،حتى جسلت أصلى عليه ذات مرة، فطار بي وحلق وهو يحدثني ،متحولا لشتى الصور و الهيئات ،فأصابني الخوف والذعر ،حتى ألقى علي السلام، وبعث لي بالطمأنية فاعتدته كما ترى ،وكان كلما مر علينا قوم  أو شيء نزل إليهم  و هبط  ليحملهم فوقه ،وكما تري اتساعه و عمقه ،فهو يتمدد و يحوي كل شيء يمكنك تخيله ،وهو يعد بمثابة" آلة الزمان والمكان" يا "رحالة" ،فالبساط يحبك ونحن جميعا نعرفك،نحن في "الرحلة بلا حدود" ،وتلك آلة زمانها ومكانها المتشكلة  على كل الهيئات و الصور ،التي يمكن تخيلها وتلك التي  لا يمكن تخيلها .
فتخضب وجه "الرحالة" و'كأنه عذراء في خدرها' خجلا مما بدر منه ،وهو يعتذر مرحبا آسفا  على سوء فعلته وهو يقول والابتسامة الصادقة يشرق بها  وجه ليرتسم به مزيج من الفرح والأسف والترحيب  :
_ كم أتمنى قبول أسفي و ندمي ، سامحيني أيتها" الغادة الهيفاء أمل" وليسامحني الجميع .
فشعرت الفتاة ببعض خجل ملك عليها كيانها ،فبادرته و كأنها تخفي خجلها ذلك،وكان قد ملأت سريرتها جملته الغزلية :
_ لا عليك يا "رحالة الزمان  والمكان" ،لم تفعل ما يضايقنا... ،لاعليك.
ثم طرقت برأسها و أغمضت قمريها ،ثم رفعت رأسها تارة أخرى وهي تنظر إليه ،وسحر عينيها يشع بريقا و ضوءا ،فخيل إليه أن البدر طلع ،بل قل بدرين، هما طرفاها المشرقان بالأمل، وعن غصنها فرطيب ،وفننها فخصيب ، وقدها فمتمايل، كساه الربيع بخضرته و جماله و رونقه...و...نظر إليها وكأنه يعتذر إليها قائلا:
_ هل الربيع و  تبسما 
و ناشدك الغرام و أقسما
أن تصحبينه بروضة 
إن الربيع لكم سما 
وأنت كحل طرفك 
ليل الحنين و حالما 
ذاع العبير بروضة 
عاش المحب منعما 
إذ أنت واحة سعده 
و الحسن يخطر كلما 
برقت ضياء محبة 
أهدى سناؤك  معلما 
فبقيت نبراس الهدى 
حسن المنارة و الحما
مرحى بكل ضيوفنا 
وأنت فيهم ملهمة 
أما رأيتم "فاطمة"؟!
شمس النهار الحالمة 
"سلمى" تراها جوارها 
و الليل يبقى حالما 
والبدر ضوى بحسنها 
و غار منها فأينما 
ذهبت تراه أنيسها 
ولو يلتقيها تبسما.
هتفت الكائنات وحمل الرفاق "الرحالة" ووضعوه فوق" البساط السحري" ،فحلق طائرا بعدما اعتلى الجميع ساحته الهائلة الاتساع...و مع تلك الانطلاقة غنى "عقلة  الاصبع" شاديا عله يخفف الهموم الثقال عن "الرحالة" ،  حيث كان الأول يستقر فوق كف و راحة  سلمى:
_ وبكل الود فها نحن 
نمضي بساحة جدول 
قد مس بساطنا ما مس 
و العطر بحب قرنفل
في كفك "سلمى" أنا أقف
أهب الأحباب تواصلي
"رحالة" زمن لا تحزن 
فجمال الروح بمحمل
لك ربي و هبت نبيضاتي 
و حنيني و روحي و موئلي 
قد راقني بدر و خيال
ما راقني طلع الحنظل
و "الفارس" يعدو ب"جواد" 
و" الهوة" نار تصطلي
أيناك" فطيم"؟! قد اشتقنا 
ليت الأحلام بعاجل
تحقيق بديعها يأتينا 
كنسيم ربيع مقبل
و "ملثم "قوم كم يعدو
في رتبة سبق  الأول
والأمل و تلك الهيفاء 
رفقاء بدون تململ 
و ظلام ولى و فراق
في الغيد يزول و ينجلي.
كان" الرحالة" و أفراد الرحلة و جماعاتها وشتى كائناتها يستمتعون بشدوه ،و  يشملونه بنظرات حانية معجبين بأدائه و تأليفه...و....و فجأة عاد "البساط  السحري"بقوة جبرية  نحو الماضي في تصرف فردي منه ولا ارادي، في نفس الوقت ،و أحدث وهو متمثل "بآلة الزمان و المكان" ...أحدث بعض الانفجارات و التفاعلات الضوئية ،فيما اتحدت الجزيئات الزمية و المكانية في سرعة خاطفة ،وحدث و ميض برق خاطف يعم الأرجاء ،وعاد لنقطة أحداث نهر الموت متجاوزا ما حدث،اللهم  إلا من شرود الرحالة و هيامه على وجهه في محيط الأحداث ،حيث" القارب الصغير" و "الهوة المتقدة" و" الغدير العذب" و "بحيرة الهلاك" 
 ، وبدى المشهد للفارس الملثم كحلم ،أما الجواد الأبجر فهو يدرك ما يحدث تماما و يعيه  كل الوعي ،....و ها هو "البساط السحري" يهبط في أمان ليستقر في موضع "القارب الصغير"  بالضبط  ،حيث حدثت المفاجآت...و..."رحلة بلا حدود" ،"كامل حسانين" ،"الفقير إلى الله" ،يشكل من وحي فكره حرفها ،من " مصر العزيزة" موطنه...و...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

‏بنك القلوب بقلم ليلا حيدر

‏بنك القلوب بقلمي ليلا حيدر  ‏رحت بنك القلوب اشتري قلب ‏بدل قلبي المصاب  ‏من الصدمات ولما وصلت على المستشفى  ‏رحت الاستعلامات ‏عطوني ورقة أم...