أشجان بين جدران الغرفة الزرقاء
كانت تتصنع الابتسام وتظهر الهدوء كما هو يتكلف الراحة ويبرز القوة وكل منهما دارك بلوعة الآخر وغارق بلوعة البعد وسامع أحزان قلبه كأنهما قلبين متناحرين يبيد بعضهما البعض بينهما حب يتسكع منكسرا يبحث عن ملاذ يقيه شر المحن .
وعاشقة سابقة تذبل متألمة بعلة التهور ومهموم يصارع غصات الزمن ونوائب الدهر نفس تدعي الراحة ونفس بائسة تمتزجان داخل غرفة زرقاء أمام الحب والمعاناة يتحملان القساوة بصمت قاتل جمع بينهما القدر وقبضت عليهما يد خفية حتى مزقتهم .
حب هدمته الشيظنة وشبرقته بمخالب مقرراتها وأنياب مدراسها ورمته أشلاء متفرقة وعاشقة سابقة تروي داخل نفسها قصة حب محطمة ومهموم يماثل ملء السنابل أسقطتها ريح صرصار وكلاهما مثل لعبة الحوت الأزرق بين أنامل الأطفال .
كان شارد الذهن مشتت الأفكار يحاول استرجاع أنفاسه يلملم شتات كلماته والفوضى تصافح أذنيه حينها طأطأ رأسه يسير وسط خيالات الأفراح والأحزان يؤرجح السعادة حتى نبهه أنينها فمضى يحملق في وجهها تتحرك منه أشفارها دون ادراك وتتراقص أصابعها ببطئ كأنها تومئ لشيء أو تريد التحدث.
مد يده اليها ليمسح دموعها ويهدئ روعها ثم أخذ يتحسس نبضها شعرت بيد مألوفة تنساب فوق جسدها يد مفعولها سحري تفاعلت معها فتحت عينيها ببطئ تحاول نزع زنديها من رأسها فاقترب بهدوء من أذنها ونطق إسمها بصوت خافت حزين فاهتزت مضطربة كمن تراودها الكوابيس المزعجة ثم حاولت إسناد ظهرها على الوسادة فلم تقو واكتفت بالنظر اليه بعينين غائرتين تخفي فيهما المآسي والأحزان كأنها رأت مخلوقا فضائيا جاءها زائرا من عالم الأرواح ولا تعتقد وجوده قربها حقيقة .
وبعد صمت رهيب وعيناها شاخصتان تمعن النظر في من جالس بجانبها ابتسمت تحاول إسترجاع أنفاسها المختنقة المشدودة وبحركة ثقيلة شدت على يده وبأطراف الأنامل الأخرى تريد مسح الدموع المنحدرة من مقلتيها قالت والحسرة تعانق صوتها الحزين المتقطع =
أيام حلوة جمعتنا أهي تبدلت أم نحن ؟ آه لذاك الزمن أهو من ظللنا أم نحن من ضيعناه؟ فصرنا متباعدين وهرعنا مسرعين الى كهوف النكد والكدر أتذكر في يوم ربيعي جمعنا الحب وملأ قلبينا غبطة وسرورا وفي هذه الغرفة وهذا اليوم الميؤوس منه تجمعنا التعاسة ويحفنا الشقاء أمام المصير المجهول فما أحلى أيام الحب وما أعنف أيام الهجر والفراق !
لفظت هذه العبارات بصعوبة وقد تجرعت ذكرى الماضي المتجسدة أمامها تنهدت بعمق كأنها تشير إليه بالإقتراب منها أكثر فهم المقصود ووضع لمسة يده على شعرها المسترسل قائلا =
....................يتبع
بقلمي / الأستاذ حسين حطاب

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق