الأربعاء، 8 يونيو 2022

الجزء الأول من محاضرة الصحراء شعوب و رمال بقلم رماز الأعرج

 معا نحو كوكب اخضر

رماز الأعرج 

الصحراء شعوب ورمال 

 المحاضرة 1 

الصحراء 

شعوب و رمال 

مقدمة

الصحراء هي ظاهرة طبيعية تسببها عوامل كثيرة ومعناها الحرفي مناطق جافة وقاحلة شحيحة المياه وحارة وظروفها لا تناسب الحياة البرية و النبات وكذلك الحيوانات أيضا والحياة بكل إشكالها , وهي مناطق جافة وحارة ذات بيئة قاسية جدا بحيث لا يمكنها أن تعطي أي شيء لساكنها لا ماء ولا غذاء .


ولو نظرنا حولنا في المجموعة الشمسية كمثال سنرى فورا تصحر القمر وعدم قدرة تربته وظروفه على احتواء الحياة , وكذلك الأمر في غيره من الكواكب الكبيرة البعيدة مثل عطارد و الزهرة المريخ والأرض , من الواضح لنا حتى الآن أن جميع هذه الكواكب صحراوية وظروفها لا تسمح بوجود الحياة عليها حتى الآن بحسب رصدنا المباشر , مع إمكانية وجود أنواع معينة من الحياة  الأولية رغم قساوة الظروف , ولكنها ليست أنواع متطورة بل أنواع معينة قادرة على التأقلم مع الظروف المناخية القاسية .


كما هو الحال لدينا على كوكب الأرض بحيث توجد أنواع من الحياة في ظروف قريبة من البراكين , ولاحظ بعض الباحثين وجود مواد ذات ألوان صفراء وزهرية بالقرب من أحواض ومستنقعات حمضية قريبة من فوهات البراكين النشطة , وبعد التحليل والبحث والدراسة الدقيقة اكتشف أن هذه التجمعات اللونية هي عبارة عن أنواع من البكتيريا التي يمكنها العيش في أحماض عالية جدا , ولو وضع الإنسان أصبعه فيها لعدة دقائق لذاب بالكامل .


في الحقيقة إن ظروف الكوكب او المنطقة المعينة هي ما تساهم في إمكانية نشوء الحياة و هي التي تحكم وتحدد أي نوع من الحياة يمكن أن يتأقلم مع هذه المنطقة أو تلك من الأماكن التي يمكنها أن تحتوي على توازنات طبيعية معينة تسهل وتحتم نشوء الأنواع المختلفة من الحياة .


وفي ظروف كوكبنا الأرض من الواضح إن الأرض كانت في القديم في مرحلة ما خصبة جدا , وإلا لما نشأت بها أنواع ضخمة وهائلة الحجم مثل الديناصورات القديمة وأنواعها الكبيرة التي انقرضت , و لم يبق منها شيء سوى القليل من الزواحف التي نعرفها والتماسيح وغيرها من الزواحف البرية المعروفة المعاصرة .


ولكن علينا الإقرار أن هناك مناطق لم تعرف الحياة بها ربما لأكثر من 100الف عام وهي مناطق قاحلة وغير قابلة للحياة إطلاقا , وهي غير قابلة لأي نوع من الحياة بأي شكل من الأشكال , مثل صحراء أتاكاما في التشيلي بأمريكا ألاتينية وهي من الصحاري الأشد جفاف وجدب في العالم ولا يمكن سقوط المطر بها أطلاقا بسبب ظروفها الجغرافية الخاصة بحيث ترتفع هضبة وجبال عالية تمنع الغيوم من العبور, وهي من ابرد الصحاري في العالم بحيث تصل درجة البرودة بها إلى ما دون الصفر أحيانا .

    

وهناك صحاري مثلا في ناميبيا يقدر عمرها بحولي 80 مليون عام على الأقل ولكنها مناطق بها أنوع من الحياة وليس مناطق خالية من الحياة البرية والنباتية وبعض الحيوانات , مثل الفيلة والزرافات والغزلان والثعالب  وغيرها الكثير من الحيوانات المتنوعة .


هناك الكثير من المناطق حول العالم ظروفها الطبيعية هي ما جعلها جافة وقاحلة وغير قابلة للحياة , وهناك مثلا المناطق ذات التربة الملحية العالية  جدا , و المناطق التي تشكل المعادن نسبة كبيرة  من تربتها , هي مناطق غير قابلة للحياة إطلاقا , ولا يمكن استصلاحها أبدا ولا بأي شكل من الأشكال بحسب الخبرات البشرية المتاحة حتى  الآن .


عرف الإنسان الصحراء منذ ألاف السنين وتأقلم مع ظروفها الصعبة و قسوتها وعاش بها , و ما زال الكثير من البشر وعدد غير قليل يعيشون في المناطق الصحراوية وقد اعتادوا هذه الحياة منذ آلاف السنين , وظهرت حياة الرعي والبداوة أيضا منذ نشوء المجتمع البشري .


وعرف تاريخ البشرية مسيرة طويلة للإنسان في أحضان الطبيعة والمناطق الشاسعة التي كانت تعيش بها أعداد بشرية قليلة قادرة على التأقلم مع ظروفها وبيئتها , ومنذ القديم نشأ النظام الاقتصادي للعمل الذي سمي التقسيم الاجتماعي الأول للعمل والإنتاج , بحيث انقسم المجتمع إلى ثلاث فئات منتجة .


منها من أصبح معتمدا على الزراعة , ومنها من أصبح معتمدا على الرعي , وفئة بقية معتمدة أسلوب العيش القديم المعتمد على الصيد البري والبحري , هذا كان معتمد على طبيعة الموارد القريبة ووفرة الطرائد , وفئة أخرى هي فئة الحرفيين التي بدأت تتبلور بعد أن كان كل جماعة صغيرة تمتلك كافة الخبرات الضرورية لإنتاج كامل حاجاتها الضرورية. 


انقسم الاستقرار البشري السكني المتطور في شكل مدن منذ البداية إلى ثلاث فروع أساسية وهيكلية مدنية وحضارية شاملة لغالبية الحضارات تقريبا , وهي على النحو التالي 

1  المدن تشكل المراكز الكبيرة للسلطة والقصور والقلاع ,

هذه كانت تحتل المناطق المرتفعة الحصينة والقريبة من موارد المياه والأراضي الخصبة لسهولة النقل والخصب حولها 

  

2  الريف الزراعي الثابت مثل الأشجار المثمرة والكروم والواحات والنخيل والزيتون و الضيع الزراعية , 

كانت الأرياف الزراعية تحيط بالمدن الكبيرة مباشرة دوما وتحتل المناطق المباشرة والمحيطة بموارد المياه الوديان , لسهولة النقل للمنتج للمدن القريبة المستهلكة , والتي أصبحت تضم أعددا كبيرة من الناس من جنود وحراس وسكان والعاملين في القصر وأسواق وغيرها من الخدمات والحرف . 


3  الرعي وتربية الماشية 

كانت هذه الأخيرة غير ثابتة وحياتها منذ آلاف السنين بقيت كما هي عليه , ومن اجل الابتعاد عن التضارب بين مصالحهم ومصالح الزراع المستقرين , بحيث كانت مواشيهم تقتحم الحقول وتأكل المزروعات , وفي المناطق ذات الاحتكاك بين القبائل الرعوية و القبائل الزراعية كانت تنشب الكثير من الصراعات الدموية بسب ذلك , ولهذا مذكور في جميع الشرائع القديمة نصوص حول فدية  الشجرة  او الزرع الذي يتم الاعتداء عليه من قبل المواشي التي يمتلكها البشر .


لذلك ابتعد الرعاة بماشيتهم عن المدن الكبيرة منذ القدم , وعن محيطها من الأراضي الزراعية الخصبة المستعمرة من قبل المدن , وراحوا يتوغلون عميقا في الصحاري والبوادي والمناطق الشبه جافة , بل ومنهم من توغل عميقا في الصحاري القاحلة ولكنه غير ماشيته و أصبحت من الجمال التي هي أصلا تعيش في هذه البيئة .

رماز 

(الجزء الأول من المحاضرة 1 , يتبع الجزء 2 )


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

ملكة الياسمين بقلم فاطمة حرفوش

" ملكة الياسمين" دمشقُ يادرةَ الشرقِ وعطرَ الزمانِ  ياإسطورةَ الحبِ ورمزَ العنفوانِ لا عتباً عليك حبيبتي إن غدرَ بك الطغاةُ وأوصدو...