الخميس، 16 يونيو 2022

الرسالة الثانية عشرة إلى ميلينا بقلم حسن المستيري

 الرّسالة الثانية عشرة إلى ميلينا


ميلينا

مَنْ قال أنّكِ امرأة 

كباقي النّساءْ

أحمقٌ ، ساذجٌ

لم يدرس يا ميلينا

تاريخ الأنوثةِ و حروبها الشَّعْوَاءْ

طروادة ، البسوس

فتح العَمُورية ، داحس و الغبراء

أحمق من ينسى

كيف أخرجتْ من الجنّة 

آدمَ حوّاءْ


ميلينا

من قال أنّك امرأة 

كباقي النّساءْ

لم يدرس جغرافيا تضاريسكِ

سهولَكِ ، هضابَكِ

و لا احتسى من ينابيعكِ

شربة ماءْ

ما شهد ليلكِ المسدول 

على قمرين يتوهّجان ضياءْ

طقسكِ الماطر

ما أرقّ رذاذه

يجعل مخيّلتي واحة خضراءْ

يحملني على السّفر

بين شِعابِكِ

و يُغرق فجأة أناملي

عند خطّ الإستواءْ


ميلينا

مَن قال أنّكِ امرأة

كباقي النّساءْ

لم يدرس الرّياضياتْ

و لا كيف تُحلّ في الحبّ

أصعب المعادلاتْ

لم يرسم هندسة جسدكِ

بأبسط التّفاصيل

و أكثر التّعقيداتْ

لم يشهد طرحه و ضربه

و مخالفتِه كلّ الحساباتْ

ما أجمل حبّكِ و أعظمهُ

حين يتجاوز بقلبي

كلّ الإحتمالاتْ

كلّ النّهاياتْ


ميلينا 

مَن قال أنّكِ امرأة

كباقي النّساءْ

ما درس أبدا علم الأحياءْ

لم يقرأ عن هرمونات الأنوثة

و دور الأستروجين

في متعة البناءْ

لم يلحظ نقاء جيناتكِ

ولا نبل الدّماءْ

لم يكتشف صلة القرابة

بين سحر عينيكِ

و مزيج العسل المصفّى بالكستناءْ


ميلينا

من قال أنّكِ امرأة

كباقي النّساءْ

لم يفقه قوانين الفيزياءْ

لم يفهم أنّ الأنوثة 

مركز الجاذبيّة

و أنّكِ متطرّفة الجمال

لا تعترفين بالنّسبيّة

فكيف حين تتجمّلين

حين تتعطّرين

تصبحين قنبلة نوويّه

و كلّما تخيّلت حسنكِ

تناثر قلبي ألف شظيّة


ميلينا

من قال أنّكِ امرأة

كباقي النّساءْ

لم يدرس الأدب

و لا القصائد العصماءْ

لم يقرأ عن هند و بثينة

ليلى و الخنساءْ

لم يشهد احتراق الحرف 

في سعادة على الشّفاه الملساءْ

لم يفقه شيئا من كان و أخواتها

أدوات الوصل و حروف النّداءْ

لم يدركْ بعدُ أنّ اللغة أنثى

و الورقة أنثى

أنّ الشّمس أنثى

و حتّى أنامل الشّعراءْ

من قال ذلك أحمق ، ساذج

لا صلة له بحروف الهجاء


ميلينا

حين يطوي اللّيل

صفحة يوم آخر 

من كتاب أشواقي و أحزاني

حين أجلس كراهب

على مكتبي

تطوّقني ، دفاتري و أقلامي

أوقد شمعتين

و أعتصر قطرتين من فنجاني

فينزل الحبّ ضيفي

مصحوبا بلهفتي و حرماني

ليحقنوا بالصّبر روحي المنهكة

كي أستطيع أن أكتب إليكِ

رسالة أوضح فيها

أنّكِ لست كباقي النّساءْ

أنّكِ امرأة متفرّدة

أنثى متمرّدة

وردة حمراءْ

و أنّي في عشقكِ 

صرتُ أستاذ موسيقى

و خبيرا بالأحياءْ

صرتُ عالما

و ألحقوني بقائمة الشّعراءْ


بقلمي حسن المستيري

تونس الخضراء


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

هل يكفيك العتاب يا فرنسا بقلم البشير سلطاني

هل يكفيك العتاب يا فرنسا ؟ هنا يقف المجد ثائرا على كل شبر من أرضنا التي زارها الغيث يوما من دم الشهيد ارتوت وازهرت ياسمين يفوح رائحته في ك...