الأحد، 31 يوليو 2022

الحنين بقلم حمدان حمودة الوصيف

الحَنِينُ. (من ذكريات الشّباب).. 
أَرَى الـدَّهْـرَ يَـقْـسُو دَائِـمَـا فَيُـتَـيِّـمُ
فُـؤَادًا بِــهِ صَـرْحُ التَّــصَـبُّـرِ يُـهْــدَمُ
ويُذْوِي طُرُوسًا لِلنُّـهَى بِسُطُورِهَا
تَكَاثَفَ وَصْفُ الـحِكْمَةِ الـمُتَـرَسِّـمُ 
ويُـخْـفِي شُعَـاعًـا لِلسُّـرُورِ، بَرِيقُهُ
يُــشِـعُّ ظَـلَامًــا بِالـفُـؤَادِ ويُــــعْـدِمُ
ويُـودِي بِـصَـوْتٍ لِلـتَّـرَنُّـمِ شَـاقَـهُ
لِقُرْبِ الحَبِيبِ الغِرِّ بِاللَّيْلِ مَغْنَـمُ
كَأَنِّي، وبُعْدُ الـخِلِّ أَيْقَظَ شَـجْوَتِي
أَدَاةٌ بِــهَـا أَيْــدِي الـحَـيَـاةِ تُـنَـغِّـمُ
فَــتُـرْجِـعُ أَصْــوَاتًــا، كَأَنَّ مِـزَاجَـهَـا
نَوَائِـحُ، قَـامَتْ بِالضَّجِيجِ، ومَأْتَـمُ.

إِذَا كَانَ عَدْلُ الـدَّهْـرِ بُـعْـدًا وفُـرْقَةً
فَـفِيـمَ حَيَـاةُ الـمَـرْءِ تَـسْنَى وتَنْعُمُ؟
وإِنْ كَانَ وَجْهُ الدَّهْرِ، دَوْمًا، مُقَطَّبًا
فَـأَيْـنَ مُـحَــيَّـا الـفَـرْحَةِ الـمُـتَبَـسِّمُ؟
وإِنْ كَانَ يَوْمُ الوَصْلِ بِالهَجْرِ مُمْسِيًا
فَـلَا كَـانَ وَصْــلُ يَـقْـتَـتـفِـيـــهِ تَـأَلُّـمُ
ولَا كَـانَ صَـوْتٌ يَـقْـتَـفِـيـهِ تَـصَمُّتٌ
ولَا كَـانَ لَـفْـظٌ قَـدْ رَوَاهُ تَـجَــمْـجُمُ
ولَا كَـانَ فِـطْـرٌ فِي الـهَـوَى وتَـمَـتُّـعٌ
يَـنُـوبُـــهُ، لِــلْـهِـجْـرَانِ يَـــوْمٌ مُـصَـوِّمُ
دَعُوا اللَّـوْمَ، مَا لِي لِلْـعَوَاذِلِ خَاطِرٌ
وعُوجُوا عَلَى صَبْرِي هُنَاكَ وسَلِّمُوا
إِلَى حَـيْـثُ غَـابَتْ لِلْجَمَـالِ سَفِينَةٌ
بِـهَـا أَزْرَقُ الأَثْـوَابِ* يَسْعَى ويُـقْدِمُ
وفِـيـهَـا شِـرَاعُ السِّحْـر يَـرْفَـعُ رَايَـةً
بِـهَـا أَكْـبُـدُ الطُّـلَّابِ تُـكْوَي وتُعْدَمُ.
فَيَا أَيُّـهَـا الـحَاثِـي عَلَى الـحُبِّ تُـرْبَهُ
بِـإِبْـعَـادِ مَنْ فِي القَلْبِ ذِكْـرُهُ مِرْهَـمُ
هَلَكْتَ وشُلَّتْ مِنْ يَدَيْكَ أَصَابِـعٌ
ونَــالَــكَ هَــمٌّ وَافِـــرٌ وتَــأَلُّـمُ ...
وبِـتَّ رَهِيـنَ الـلَّيْـلِ تَرْقُبُ نَـجْمَهُ
وهُدَّ سُـرُورٌ، فِي حَشَاكَ، مُجَمَّمُ.

تَبَـدَّلَ جَـوُّ اللَّـيْلِ وَهْـنًا، فَـلَـمْ يَـعُـدْ
أَنِـيـسًـا لَـنَـا يَـشْدُو وبَـعْـدُ، يُـقَـسِّمُ
فَلَـمْ تَبْقَ فِي النَّـجْـمِ الـمُـشِعِّ بَـوَادِرٌ
تُـنِـيـرُ حَـنَـايَـا، جَـمْـعُـهَـا مُتَجَـهِّـمُ.
ولَـمْ يَـبْـقَ فِـي رَيَّـا الـنَّسِيـمِ تَـوَدُّدٌ
يَـتُوقُ لَـنَـا ، وَهْوَ العَبِيـرُ الـمُلْـهِـمُ
ولَمْ تَبْقَ فِي البَدْرِ الوَسِيمِ صَبَاحَةٌ
ولَـمْ يَـبْـقَ لِـلنَّـوْرِ البَـهِـيجِ تَـوَسُّـمُ
ولَـمْ تَبْقَ فِي وَجْـهِ الـمَدِينَةِ بَـهْجَةٌ
ولَـمْ يَـبْـقَ للأَنْـهَـارِ صَـوْتٌ مُـرَنِّـمُ.
تَكَاثَـفَ بَـثِّي فِي الهَوَى فَحَسِبْتُنِي
بِـلَـيْلٍ بِــهِ صُـبْـحُ الـمَـحَـبَّـةِ أَدْهَـمُ
وأُغْرِقْتُ فِي بَحْرَيْنِ، بَحْر تَلَاطَمَتْ
بِـهِ مَـوْجَـةٌ لِلْـحُـزْنِ تَـنْـأَى وتَـقْـدُمُ
وبَـحْـر، بِهِ، سَالَتْ دُمُوعِي غَزِيرَةً
تُفَـتِّتُ صَبْـرِي، بِالأَسَى، وتُــقَـلّـمُ.
فَلَـمْ أَدْرِ أَيَّ اللُّجَّتَيـنِ أَخُوضُـهَـا؟
ولَمْ أَدْرِ أَيَّ الـمَسْلَكَيْنِ مُحَـتَّـمُ؟
فَهَذَا، عَلَى بُعْدٍ، وَفَاءٌ مَدَى الحَيَا
يَشُقُّ عُبَابَ العَـيْـنِ، آنًا فَتَجْشِمُ
وهَذَا حَنِينِي فِي النَّسِيـمِ جَرَى بِهِ
سَلَامٌ مِنَ الأَحْشَاءِ طَلْقٌ ومُفْعَمُ
وهَــذَا لِـــقَــاءٌ، أَرْتَـجِـيــهِ، لَـعَـلَّـــهُ
يُخَفِّفُ مَا فِي القَلْبِ يَوْمًا، وأَنْـعَـمُ.
*أَزْرَقُ الأَثْـوَابِ: كانت المحبوبة ترتدي غالبًا اللّباس الأزرق اللّون.
حمدان حمّودة الوصيّف... (تونس) 
"خواطر" ديوان الجدّ والهزل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

‏بنك القلوب بقلم ليلا حيدر

‏بنك القلوب بقلمي ليلا حيدر  ‏رحت بنك القلوب اشتري قلب ‏بدل قلبي المصاب  ‏من الصدمات ولما وصلت على المستشفى  ‏رحت الاستعلامات ‏عطوني ورقة أم...