شجرة توت
كان عندنا فى البلد شجرة توت
عالية وفروعها ممدودة و
مضللة على البيوت
الصبح تتجمع العصافير على غصونها
وصوتها زي لحن جميل بتعزفه بعودها
تطير و ترجع عشها فى المغربية
من غير ما نحس بوجودها
شجرة كرم فياضة وخيرها تملي لغيرها
ترمي علينا التوت زي المطر من غير عدد
ناكل ونشبع و نفرق الباقي على كل أولاد البلد
وتحتها نقعد يوماتي نتساهر وقت السمر
ونجيب فى سيرة مين زرعها و مين سقاها
ومين حافظ عليها ومين الي سابها للقدر
كنا أوقات نغني لها
يا توته يا أم الشجر فرعك فى دمي ولوني من القمر
وأوقات كنا نعاتبها
لوكان فى يوم التوت طعمه مش حلو
جايز كان طمع مننا وجايز كان سهو
بس كنا مبسوطين
شايفين طريقنا و كنا راسيين
كنا فاهمين
لا شيلنا هم بكرة ولانمنا فى يوم زعلانين
كان محفور على جذعها إسمنا
لا الزمن قدر يمحيه
ولا عمرها فى يوم خيبت ظننا
ولا قولنا فى يوم الشجرة دى حقنا
وأهو كان بيعدي اليوم
من غير ما حد يذلنا
بشجرة مزروعة فى أرضنا
شجرة عمرها من عمرنا
أنا وعيت على الدنيا وهى زي ما هى
متصانة ومحمية و مدارية
أبص من شباك بيتنا أشوف جمالها
و أشم ريحة توتها الزكية
وفى يوم كان أول السنة
جم شوية عيال مش من هنا
لا كلامهم مننا و لا شكلهم زينا
حاصروها ولفو حواليها من كل جهة
وقالو التوت ده يخصنا
و حردفوها بالطوب من غير تفكير ولا توعية
و أهى نشفت الشجرة و غضبت علينا كلنا
ومن يوميها لا بقى في توت
ولا بقى فيه ضلة تضمنا
وتوتة توتة خلصت الحدوتة
راحت أحلامنا الحلوة
وبقيت الملتوتة
بقلم
هانى فَتُّوح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق