الذات وأبعادها الثلاث
تتكون الذات وتتطور تكسب هيكلها المستقل عن باقي الذوات التي نشترك معها ونختلف عنها في نفس الوقت
الإنسان ذو الأبعاد كما ورد في التفكير الفلسفي كيف ذلك؟
الإنسان على مر العصور يختلف عن سائر المخلوقات فهو لا يستغرق في الحاضر فقط لتلبية حاجاته وإلا كان لا يختلف عن الحيوان فهو كائن عاقل ومفكر ملكته العقلية تمنحنه ذلك السمو وذلك النور الذي قذف فيه كما قال رينه ديكارت الفيلسوف العقلاني الذي عرف بوضع ما يعرف بالكوجيتو الديكارتي (انا افكر إذن انا موجود ) التفكير دليل على وجوده وإختلافه عن غيره من الموجودات هذا يؤسس لمعرفة ما هي الأبعاد الثلاث؟
يقف الإنسان وهو يملك الحاضر بكل مكوناته الفكرية والمادية فهل يكفي الآن (الحاضر ) ليشبع رغباته المعرفية ؟
إن الحاضر بما يمليه علينا من مستجدات يصبح عائقا إبستمولوجيا أي معرفيا بضغوطات آنية وجديده يوقعنا في مغالطات تعيق فهم القيم التي تحكمنا والتي قد تفرض علينا على صيغة المغلوب مولع بتقليد الغالب على إعتبار أن العالم المتخلف تقريبا تعرض للإستعمار والإستدمار العالمي الذي إكتسح غالبية الشعوب الفقيرة والتي زادها فقرا بإستغلال ونهب خيراتها وهو مستعد في تلك الحقب ليبني حضارته على أنقاص هذه الشعوب وهذا يفضي بنا إلى الولوج إلى البعد الثاني وهو الماضي الذي سبق أن حللنا منه القسم الأكبر وما يحمله من مواجع تسمى التاريخ مؤلم في غالبيته وموجع ولا يترك صاحبه الى النهوض إلا إذا فككه وأدرك جوهره وحل كل عقده النفسية التي تعكر صفو حاضره إن الواقف اليوم على الحاضر يعيش بنفسية منهزمة ذليلة مات فيها الأنا ولم يعد يفكر إلا بمفاهيم الآخر وقد استحوذ على جهازه المفاهيمي وفقد طرائق التحليل الذاتي وانغمس في طرائف ما تمده الحضارة الغربية من سلع فكرية وسلوكية إعترفنا بأحقيتها كأسلوب للنهوض من سبات القرون بها فقدنا ذواتنا قبل أوطاننا ونحن نسلم أجزاء كبيرة من وطننا الكبير طواعية بإسم التحضر ومفاهيم أخرى سلمت لنا جاهزة واقتنعنا بانها جواهر الحضارة وهي دسائس لفت لنا في محافل أقيمت لهذا الغرض فقط وعند هذا يتجلى البعد الثالث للإنسان وهو المستقبل
هذا البعد الذي يبنيه الانسان المتمسك بالحاضر بأدواته العقلية المستمدة من الماضي هذا الأخير يتطلب المصالحة معه بفهمه بشكل نقدي لا تعاطف معه وموضوعي بعيدا عن التعصب والدغمائية التي لا تنجب إلا جاهلية ثانية وتخلف بترسباته النظرة الى الغد منزوعة القابلية للإستعمار كما يسميها الفيلسوف العربي. مالك ابن نبي والبحث في مخابر التاريخ لإذابتها والتخلص منها يساعد على بناء الذات وكيفية تطويرها وإزالة عقد الدونية والتعامل مع الأخر بندية واضحة المعالم لما نحمله من مقومات التحضروالإستعدادات الكامنة في العقل العربي رغم ما نواجه من عقلية الإنبطاح الخرافي المهيمن على الكثير من العقول التي للأسف وضعت في القاطرة الاولى المتحكمة في سير القطار الحضاري ونحن نملك كل مقومات النهوض والتجديد في قوالب بناء الحضارة وهي ضرورة تاريخية لا مناص منها ولا يمكننا ان نوقف الدورة الحضاريةوهي تعلن نهايتها عند الآخر وقد استهلت ذلك بالتطاحن الداخلي وتوسع الخلافات والتدافع بينهم اليوم نحن مطالبين بالإستعداد لهذه النهظة المنشودة والتي لا يمكن ان توقفها بعض جزئيات ما يحدث في وطننا الكبير. نزن لها بالأمبير ونسعى إليها بلا أمير يتجاوزه الوقت والحتمية التاريخية .
بقلم :البشير سلطاني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق