نانااللقيطة تقول:عرفت ان لا أصل لي ولا شئ يربطني في الحياة فإذا كانت البداية هكذا فكيف ستكون النهاية? وإذا كانت البدايات تقود إلى النهايات ففي اي ملجأ ستكون نهايتي? هل سيكون لحياتي معنى على هذه الارض كباقي البشر ام أنني ساعيش ميتة بين الاحياء? فكرت كثيرا. قررت أن أخوض المعركة بعقلي وارادتي واصنع نهايتي بيدي وسالت نفسي ثانية هل انا قادرة على مواجهة مصاعب الحياة وحيدة? هل علي الاستمرار ام انهي حياتي على باب هذا الملجأ وتكون النهاية نتيجة حتمية للبداية? وبقي السؤال حائرا بلا جواب وقررت أن استأذن بالخروج للبحث عن اهلي ربما أتمكن من الوصول إلى طريق أجد بنهايته الإجابة على أسئلتي وبعد نقاش مجهد
سمحت لي المديرة بالخروج لمدة أسبوع بشرط العودة إلى الملجأ لتناول الطعام والنوم و زودتني بالارشادات اللازمة
كان البحث شاقا وصعبا فقد كنت أبحث عن وهم لا أحد يفهم أسئلتي ولا انا افهم الجواب وبعد انتقالي من حي إلى حي وصلت حي اكواخ الخشب والصفيح وعيدان القصب القائم على أطراف المدينة المتخمة بالأبراج والفلل والقصور والشقق التي يعيش فيها المتخمون وجلست هناك على مقعد مهترئ في حديقة بائسة اكل خضرتها وازهارها الإهمال ورحلت بعيدا انظر إلى تناقضات الحياة وفي التفاتة سريعة رأيت رجلا مسنا يجلس في ظل شجرة فذهبت وجلست بجانبه وانا شاردة الذهن لا أدري ماذا أقول إلا أنه قطع علي حبل شرودي سائلا: لماذا أنت حزينة بنيتي? لماذا أنت هنا لوحدك? قلت: جئت ابحث عن وهم. عن خيال.عن لا شئ وانفجرت بالبكاء فما كان منه إلا واخذني في حضنه وهو يمشط شعر راسي بإصابعه طالبا مني الهدوء واخباره قصتي كاملة ليساعدني
وللمرة الأولى أشعر بالدفئ والحنان في حضن هذا الرجل وانا في حضنه حكيت له حكايتي قال:
منذ زمن بعيد سكن على أطراف هذه الحديقة رجل كان يعتني بها ومعه امرأة تساعده وكانا يعيشان لوحدهما وعلمت أن زوجته ماتت بعد ولادتها طفلة تركها الرجل في مكان ما ورحل ولم يعد ولا استطيع القول انك انت ابنته فلا أحد يعرف ما جرى بعدئذ .
شكرته وعدت مسرعة وابلغت المديرة بعدم وصولي إلى ما يفيد سوى أنني خرجت من رحلة البحث هذه انسانة مجهولة الهوية مجهولة المستقبل تقابل الحياة وحيدة ولكنني امتلك العقل والإرادة والتصميم على تغيير الواقع وأبلغت المديرة برغبتي الخروج من هنا بأسرع ما يمكن
ضمتني المديرة إلى صدرها وقبلتني على جبيني للمرة الأولى وهي تقول: باركك الله بنيتي واعانك على إسعاد نفسك. الإنسان بفكرعقلاني سليم وقرار جرئ وعمل نشيط وتصميم على النجاح يحقق هدفه في الحياة والقوي يصنع نفسه بنفسه
شعرت للمرة الأولى ببؤس من ليس له أم وشعرت أن الأم هي نسغ الحياة وترياقها
قبلت يد المديرة وطلبت منها أن تكون امي ومرجعيتي ودليلي على طريق مستقبلي عندها أبلغتني أن هناك من تريدك للعمل عندها كمدبرة منزل وستأتي غدا لرؤيتك استعدي للذهاب معها فأنا اعرفها سيدة فاضلة ستكونين مرتاحة في التعامل معها وهي تعيش في قصر مع زوجها وابنها الوحيد وانا سأكون جاهزة لكل ما تطلبينه فنحن اهلك ولن نتخلى عنك .شكرتها وذهبت انتظر الغد وما يحمله لي من جديد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق