الاثنين، 7 نوفمبر 2022

المقهى بقلم سمير عبدالعزيز

 المقهى

قصة قصيرة

سمير عبد العزيز

كعادته بعد أن يتناول طعام العشاء يرتدي ملابسه ووجهته مقهى الشهبندر القريبة من منزله ...ذهابه الى المقهى بمثابة نسمة هواء باردة ومنعشة، يستعيد بها روحه التي كانت تختنق أمام ما يصدر من زملاءه فى العمل من تناقضات وازدواجية فى الأقوال والأفعال وينفض عن نفسه ما علق بها من هموم .

يدلف داخل المقهى الذي يحتضن مكانه المفضل  ويجلس على طاولته المعتادة..الرفاق يستقبلونه بالترحيب ....أحضر له النادل الشيشة والقهوة .. تناول فنجان القهوة وارتشف بتلذذ أول رشفة قهوة ثم أخذ نفسا من الشيشة وهو يجذبة بقوة الى أعماق صدره ليخرج بعدها هالة من الدخان...بجواره وعلى طاولة أخرى جلس بعض الرفاق يلعبون الدومينو وأصوات هادرة يخرجونها اذا ما لعبوا دورا جيدا فضلاعن صوت ارتطام قطع الدومينو بالطاولة...فى زاوية بعيدة عنه يجلس بعض رواد المقهى من الفتية و الشباب يشاهدون مبارة لكرة القدم عبر شاشة التلفاز ...يجلس أمامه  أحد رواد المقهى في ركن منها اعتاد ان يراه في نفس المكان ..وهو ناصر بيومى  الموظف  بهيئة البريد في منتصف العقد الخامس من عمره ..نحيل متوسط القامة مستطيل الوجه .. غائر العينين .. ماتت زوجته وتركت له ثلاثة من الذكور فى مرحلة الشباب دفعه حبه لها برفض الزواج من امراة أخرى بعدها ...وكان يجلس الى جواره احمد شيكو شاب فى العقد الرابع من عمره ..طويل القامة مستدير الوجه أبيض البشرة  مجعد شعر الرأس وله شارب خفيف ،غير متزوج يعمل نقاشًا ليعول نفسه ويرعى شقيقة الأصغر المعاق ذهنيا وعلى مقربة منهما كان يجلس أبانوب الشاب الثلاثيتى ..معيد بكلية الفنون الجميلة ... اعتاد أن يضع اللاب توب أمامه علي الطاولة لينجز أعماله وتحتضن شفتاه مبسم الشيشة..هاجمته غيبوبة السكر أكثر من مرة وهو في المقهى وكان يتم تدارك الأمر بسرعة ...نادى على  النادل لتغير حجر الشيشة ..جاءه مسرعا ..رفع الحجر المحترق ووضع الجديد ورص فوقه جمرات الفحم..خلت الطاولة التي بجواره وبعد دقائق جاء الحاج سعيد الهلالي وهو صاحب محل لبيع قطع غيار السيارات في الخامسة والسبعين من عمره ..قصير القامة مستدير الوجه ذو بشرة خمرية وشعر رأسه كالصوف الأبيض القى عليه التحية وجلس على الطاولة ..

أ حضر له النادل الشيشة والشاي وكعادته أعاد رص جمرات الفحم على وجه حجر الشيشة وشد أنفاسا متتالية من المبسم حتى ملأ الدخان فمه وأخرجه من أنفه في خيط طويل ..بث له شكواه من وقف الحال بسب ارتفاع أسعار قطع غيار السيارات فضلاعن ندرتها... أكتفي بالاستماع وهزرأسه  ...توقف الحاج سعيد عن الكلام فجأة ونظر فى عينيه برهة ثم قال : أتعرف ما سوف نجنيه من وراء ذلك ؟ لم يترك له  الفرصة للتفكير أو الجواب أو حتى للتعليق فاستطرد يقول : خراب البيوت ..ثم وضع المبسم فى فمه ولاذ هو بالصمت والنظر الى هاتفه المحمول يتابع ما ينشر عبرصفحته على الفيس بوك ..جذب انتباهه بوست ينعي صديقا قديما له لم يره منذ سنوات طويلة ..اعتراه الضيق وتملكه الحزن والأسى ..استدعى النادل ..أعطاه النقود وغادر المقهى .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

ملكة الياسمين بقلم فاطمة حرفوش

" ملكة الياسمين" دمشقُ يادرةَ الشرقِ وعطرَ الزمانِ  ياإسطورةَ الحبِ ورمزَ العنفوانِ لا عتباً عليك حبيبتي إن غدرَ بك الطغاةُ وأوصدو...