من هناك بدأت الجنة تتسلق سلم الأولويات في طريقي المليئ بالشوق والحنين ، بدأت الاشياء المهذبة تتقمص ثياب الجنة ، كنت ارى الجنة مكافأة اتحصل عليها مقابل شوكة ازيحها عن طريق شيخ طاعن في السن، لا يرى من الارض الواسعة سوى حافرة عصاه...
و كنت ارى الجنة أيضاً دعوة صادقة من قلب عجوز مقابل كوباً من الماء اجلبه لها من جرة اقعدها عنها المرض..
من زاوية المسجد كنت ارقب أبي يرتل الاذان وكأنهُ يسقيني مشروب بارد ساعة الظهيرة، كنت طفلاً وكان الاذان يفوق قدرتي على الادراك والتوقع...
تنتابني اللهفة للصلاة وكانني مدعو لوليمة غداء ، او مائدة عامرة بصحبة ابناء قريتي، ما كنت اعلم ما الذي يدور سوى شوقي لمعرفة السبب الرئيسي لمجيئي انا والكم الهائل من البشر..
وبعد ربع ساعة من التلاوة بين قارئ متأتئ يقرأ سورة الكهف وكأنه يظن الايام كلها جمعة ،ام انه حفظها بالتلقين من الحاظرين يوم الجمعة ،ولا يستطيع قراءةسورة غيرها..
وبين قارئ مجيد يتنقل بين تلاوة أئمة الحرم واحداً تلو الاخر..
يقوم ابي بجولة الى باب المسجد معلناً بذلك رفع المصاحف الى رفوفها ، ودخول وقت اقامة الصلاة وبشكل فضولي اقوم لمشاهدة ما يراه ابي ،تمتد اليَّ العديد من المصاحف لإرجعها الى رفوفها، وكأنني أوكلت اليَّ تلك المهمة فقط..
مصحفاً تلو الاخر اعود الى الرفوف بعدد من المصاحف التي تفوق قدرتي على حملها ، اعود بسيل من العرق يصب على وجهي، وحدهم القارئون يجمعون القدر الاكبر من الثواب..
وبكلمات تشبه الذي رددهُ قبل ربع ساعة يحاول ابي تقليد الكلمات السابقة، لكن هذه المرة بشكل فردي بعد ان كانت زوجية، سمعت ابي يقول"قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة..
✍️
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق