■ الفصول الحمراء
توقفت عقارب الزمن وبدأء الوقت يشير إلى الزوال والعد التنازلي يتجه نحو الوراء انطلقت ساعة الصفر فرن جرس الإنذار محذرا اهل المدينة من خطرٍ ربما سيداهم مدينتهم او هجومٍ مباغت لوحوش كاسرة كانت تتجمع آنذاك على بعد أمتار من بوابة السور الشمالية وتتربص بهم وهم لايشعرون
فأختبأ بعضهم في زوايا غرفهم والبعض الآخر لجأء إلى الإنفاق خوفا من رصاصة طائشة او قذيفة عابرة تقضي على أحلامهم وتحول حياتهم إلى جحيم
فبدت الشوارع خالية من المارة والمتاجر مغلقة الأبواب واصوات التهليل والتكبير تتعالى من المساجد متضرعة بالدعاء إلى رب العباد فشعر الجميع بخوف شديد وظلوا يترقبون ويترقبون ولسان حالهم يقول:
يا إلهي مالذي يحدث لنا !؟ وماذا فعلنا حتى تسلط علينا أشرار قومك وتُآخذنا بما فعله السفهاء منا
فلم تمر سواء بضع دقائق فقط فإذا بأرتال من السلاحف والتماسيح المتعطشة لشرب الدماء تخرج للتو من اوكارها مكشرة عن انيابها
فاجتاحت المدينة وانتشرت في احيائها السكنية وتمركزت على اسطح المباني وفي الجولات والشوارع الرئيسية معلنةً عن ولاية جديدة وفرض أمر واقع على الجميع فاسفر ذلك الهجوم عن سقوط قصر السلطان والإطاحة بحكمه
حيث بدأء التراشق بالمنجنيق الحديث كلٌ من جهته من الصباح الباكر حتى دلفت الشمس بوابة الغروب وتوارت عن الأنظار فأدبر النهار واقبل الليل فضاعت النجوم خلف الدخان المتصاعد واختفى القمر فصمتت اصوات المآذن وارتفع صراخ النساء والأطفال فخيم ألحزن على أهل المدينة طوال تلك الليلة المشؤومة
وفي صباح اليوم التالي استيقظ الناس على مشاهد مرعبة لم يألفوها من قبل. دماء ملطخة عرض الجدران وفي الطرقات وعشرات الجثث متفحمة واشلاء متناثرة هنا وهناك وبعض البنايات شبه مدمرة والحياة معطلة تماما
مازلت تلك المشاهد بفصولها الحمراء تدور بمخيلتي وتلازمني حتى هذه اللحظة لأني كنت يومها شاهد عيان على ماجرى وكان سببا في تمزيق النسيج الإجتماعي وتدمير كل شيء جميل في مدينة الحب والسلام فانعكس آثاراه سلبا على الجميع وتحول إلى كابوس يقلق مضاجعنا ويلاحقنا في كل مكان وزمان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق