الاثنين، 19 ديسمبر 2022

الإكتفاء والحرية بقلم عبده داود

الاكتفاء والحرية 
تلاميذ في حصة الرياضة يلعبون في باحة المدرسة، يتصايحون، ويركضون خلف الكرة ذهابا وإيابا...مباريات في كرة القدم...
أثناء ذلك، صادف عبور سرب طيور في السماء، توقف التلامذة عن اللعب، وأخذوا يراقبون الطيور العابرة.
تلميذة سألت المعلمة: أين ذاهبة هذه الطيور؟
قالت المعلمة: تهاجر جنوبا بحثاً عن مناطق أكثر دفئاً، خشية صقيع الشتاء. وتعود في الربيع عندما يتحسن الطقس، وترتفع درجات الحرارة...
قال تلميذ: يا ليتني أنا طائر مثل هذه الطيور المهاجرة...
ضحكت المعلمة وقالت: أنت إنسان، ربنا جعلك ملكاً، وسلطك على الأرض كلها، تود أن تكون مجرد طائر تائه    لا حول له ولا قوة...تتعرض لظروف الحياة الصعبة. 
رد التلميذ، قالت أمي: الطيور تملك حرية واسعة، نفتقد لها نحن البشر، الطيور تتنقل عبر السماء حيثما تشاء ليست بحاجة إلى جوازات سفر، ولا تفتيش في الجمارك...ولا فيز ولا تأشيرات خروج ولا شيء من هذا أو ذاك... الفضاء كله وطنها...
 بينما الإنسان سجن نفسه ضمن  حدود مرسومة ومسجلة أصولا دولياً، وصار اسمها دولة... وصار محرم على سكان تلك الأرض  تجاوزها، إلا بمعاملات خاصة، وبات مطلوباً منهم الدفاع عن تلك الأرض، التي اسموها الوطن،  وتأتي الكارثة إذا دولة قوية طمعت في تلك الدولة، تعبر الحدود، وتفتك بسكان تلك الدولة، وتنهب البلاد،  وتضم الأرض إلى ممتلكاتها الخاصة، لتوسيع أراضيها  وبذلك تتغير الخريطة الجغرافية العالمية...كما فعلت إسرائيل في فلسطين وسورية... ولا يزال الصهاينة يتوسعون ويخططون لسلب المزيد من الأراضي العربية...  
لذلك أخذت الدول تتسلح وتصرف أغلب امكانياتها على  التسلح، مصائب اصابت عقول البشر، ولولا صرف تلك الأموال المجنونة على التسلح، لكانت الأرض جنة من جنات الخالق... وعاشت جميع الشعوب بسلام  وحرية واكتفاء...
هذه هي مصيبة البشر عدم الاكتفاء...
قالت المعلمة: أمك معها حق، الله ميزنا أعطانا العقل، الخير والشر وروح الإبداع، وهذا شأنه هو: وقال من يتغلب على الشر في داخله،  يكافئ بديمومة الحياة والسعادة الأبدية...والذين لا يسمعون صوت الرب ولا يعملون بوصاياه،  بئس مصيرهم، هناك النار والعذاب. أرواحهم لا تحترق، عذاباتهم مستديمة...  
قالت تلميذة: بابا ذهب اليوم هو وأصدقاؤه إلى الصيد، هل يعتبر الصيد غزو عالم الحيوانات؟ 
قالت المعلمة: إذا كان الصيد من أجل جلب الطعام للأسرة
هذا حلال، وربنا يبارك فيه، أما إذا كان الصيد من أجل المتعة، يقتلون الطرائد لمجرد اللهو والتسلية هذا حرام جداَ هذه همجية وتخلف... والله يعاقب عليها.
قالت طفلة: الطيور تتمتع في الحرية أما بني البشر، تتحكم فيهم  الساعة والوقت.
قالت المعلمة، كلامك صحيح يا سوسن، لكن حريتنا تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين، لا يجوز أن نهمل حرية   الآخرين ونقول نحن أحرار... لا يجوز أن ننسى واجباتنا والتزاماتنا ووصايا ربنا ونقول نحن أحرار... للحرية قواعد والتزامات... والنظام هو أساس التداول العالمي. 
أليس النظام جميلاً؟ أليس هو الذي ينظم حياة البشر، ويساهم في تطوير المجتمعات، ويجعل العالم كله يسير في نظام عالمي متفق عليه دولياً، كل شيء مبرمج، الوظائف، الطيران، القطارات، والسفن، وحركة الناس، كل الناس مترابطة بنظام الساعة التي هي المديرة كما تقولون...
 أيضا الطيور لها أنظمتها الخاصة، ألا ترون كيف تطير كلها في نظام مثير مع بعضها البعض. لها قادة يعرفون كيف يقودنها إلى شاطئ الأمان...
قال تلميذ: لماذا لا نوفر لها الطعام والشراب حتى تبقى عندنا. ولا تتعذب تبحث عن الطعام، وعندنا لا تخشى بنادق الصيادين...
قالت المعلمة: هذا سؤال ذكي وأنا شخصيا أفكر فيه من زمان... 
دعونا نثبت أيهما أفضل الاكتفاء، أم الحرية؟  ألسنا نحن نحب الطائر الموجود في الصف ضمن القفص الذهبي، جميعكم   تعتنون به، وتقدمون له الخدمات المطلوبة  من الطعام واشراب، والنظافة، وكل وسائل الرفاهية الممكنة... كم أنتم تحبونه، وتقلدون الزقزقة معه. حتى هو صار يحبنا أيضا بدليل   صوته الشجي... هل تعتقدون بأنه سيغادرنا إذا فتحنا له باب القفص... هل سيعود ألينا؟ أم يفضل أن يعيش خارجا في الفضاء، حيث البرد والصقيع في الشتاء، والقيظ في الصيف، ناهيكم عن بنادق الصيادين التي تركض لاهثة وراء الطيور، حتى تقضي عليها وتحرمنا متعة أصواتها وتراتيلها الملائكية... 
هل سيغادرنا الطير إذا فتحنا له باب القفص؟ أم سيعود إلينا؟
كانت المعلمة مقتنعة تماما، بأن الطائر سيعود لا محال،
انقسم التلامذة بين مؤيدين سيعود،  ومعارضين لا لن يعود... 
وعندما فتحوا له باب القفص، غرد مرفرفا بفرح   ودار عدة دورات في سماء الغرفة وغرد لحناً رائعاً لم يسمعوه   يوماً، وابتعد محلقاً في السماء، انطلق يبحث عن الحب ذهب إلى رفاقه حيث ينتمي. وهناك سيجد رفيقة حياته...
الحرية هي الأعظم...
بقلمي: عبده داود 
 كانون أول2022

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

أنتَ فارس أحلامي المنتظر بقلم إيمان بوغانمي

---☆☆☆ أنتَ فارس أحلامي المنتظر ---☆☆☆  ذات صباح مليء بالحب  و الغرام أشرقت شمس فؤادي من جديد أخبرني حبيبي أنه مغرم بكياني  العظيم لحدّ الجن...