الثلاثاء، 10 يناير 2023

العائلة بقلم جهاد صباهي

العائلة
الدكتور الشاعر جهاد صباهي

بالأمسِ كانت هنا
قبل أن يُحولَها زَيْفُ الصرخةِ
دمعةً تجمدتْ في صندوقٍ خشبيْ
يحملونَها في حناجرِهمْ 
يطوفونَ بها في شوارعِ الغرباءْ
من يشتري منَا يومَ العزاءْ؟ 
أحدَ عشرَ خريفاً ونهارْ
والموتُ يغتصبُ ملامحَها
يُمزقُ قلبَها
أيها الموتْ
أيها الموتُ لن أتبادلَ معكَ الصمتَ 
من أنتْ ؟
مَنْ أنتَ لتُمسِكَ بيدِها
تسيرُ بها نحو النصفِ المعطوبِ من النهارْ
تَعِدُها بحذفِ الغيمةِ الأفعى من سمائِها
وخلفَ زفيرِكَ أصفاداً ودمارْ
سأفتحُ شرفةً على قطيعٍ من الذئابْ
أرمي بتفاصيلِكَ إليهم 
أستردُ يدَها من ظلالِكَ المميتَةِ
وأذبحُ زَيْفَ صُراخِهِم تحتَ قدميها

يرسمُ المشهدَ
هرٌ يفرُّ إلى سردابْ
يستشْعرُ زلزالاً .. يطرقُ البابْ
له عينٌ زجاجيةٌ .. وأنيابْ
جاء يُكدِّسُ الأشياءَ فوقَ بعضِها
يُقَلِبُ في صفحاتِ التاريخِ يُمزقُها
يفتحُ شقَّاً في ثوبِ الهواءِ
يتدفقُ منه المحو إلى صورةِ العائلةِ
المعلقةِ على جدار البيتِ
أراوغُ الزلزالَ
ألتقِطُ جثتي من تحتِ الركامِ ..أهربُ بها
أفتحُ بابَ قبريْ
أرى جَدي حانقاً
على وجههِ سَوْراتُ الغضبْ
ماذا سأجيبُ لو سألني
ماذا فعلتم بصورةِ العائلةِ ؟
أراها تستغيثُ بسوادِ ثوبِها
عالقةً بحزنٍ تعفَّنَ على وجهِها
يسقطُ ُسقفُ الإجابةِ
جثةً مكفَّنَةً بآثامِ السقوطِ 

أُغمضُ عينيًّ الباكيتينِ
أرى حُلْمَها المسفوحَ دمُهُ على حجارة الزلزال 
تنتحبُ قصائديْ في عينيها
أنهاراً تحفرُ مجراها على وجنتيها
 لو كنتُ ساحراً
لاختصرتُ الحكايةَ 
وانتشلتُ اسمها من فمِ اليباسِ قبلَ أ ن يتخثرَ الهواءُ في دمِها  
لو كنت ساحراً ُ لجعلت من غيابها
ممراً للوصولِ إليها
أقولُ لها :
لاتستسلمي لرياحِ الخديعةِ
ارمشي بعينيكِ إن كنتِ تسمعينني
أشارتْ بعينيها الذابلتينِ
لايبرأُ الميتُ من الصداعِ حتى يُدفَنَ في أرضهِ
لكنكِ ترمُشينْ
هذا يعني 
أن عربةَ الموتِ المتوغِلَةِ في السوادِ
توقفتْ في منتصفِ الطريقِ
عاجزةً عن الوصولِ إليكِ
عصيَّةٌ على الموتِ أنتِ

د جهاد صباهي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

ملكة الياسمين بقلم فاطمة حرفوش

" ملكة الياسمين" دمشقُ يادرةَ الشرقِ وعطرَ الزمانِ  ياإسطورةَ الحبِ ورمزَ العنفوانِ لا عتباً عليك حبيبتي إن غدرَ بك الطغاةُ وأوصدو...