أحلام أنثى
الحب
الجزء السادس
بعدما انتهت الحرب بين سحر ووالديها، وهم خضعوا لشروط سحر المنتصرة... تقلصت الانفعالات المتشددة، وتناقصت حممها تدريجيا، وانبثقت أبتسامات خجولة ترتسم على وجوه والديها، تشبه أشعة الشمس التي أوجدت لنفسها ثغرات بين الغيوم الكثيفة السوداء... اخترقتها لتصل الأرض بشوق ولهفة، كذلك اقتنع الأهل بأن ابنتهما في أمان، وهي تعيش في السعادة، وهذه أسباب حقيقية أفرحتهما بدون شك.
تعددت رحلات سحر عبر العالم، وفي كل مرة كانت تحضر معها كتبا ومراجع سياحية تحكي عن تلك البلاد التي تزورها...وتدون ملاحظات تجمعها من مصادر مختلفة، ومن مشاهداتها وتصهرها جميعها في بوتقة واحدة وتقطرها، فتخرج النص بأسلوب شيق ممتع. تقول هدفي الأول: هو امتاع القارئ: وعندما يحب القارئ ما يقرأه، يتابع القراءة بشغف، لأن الحب هو الدينمو الأساسي لقلب الإنسان، بل هو المحراك لكافة الإنفعالات والتفاعلات، ولولا الحب، لأصبحت الحياة جرداء، يابسة، قاحلة...
في يوم مشمس، اقترحت هدى أن تذهب العائلة مع أبونا ميشيل إلى المطار حتى يودعوا سحر، ويتمنوا لها رحلة ميمونة مقررة ذلك اليوم إلى الصين...
استقبلتهم سحر بلباس المضيفات الجميل، مما زاد جمالها جمالا.
جاءت المضيفات زميلاتها، يستقبلن أهل زميلتهن، وجاء الكابتن سليم مسرعا يسلم على أبونا ميشيل بحرارة، كان واضحا هناك معرفة بينهما أو صداقة قديمة.
قال أبونا: طالما سحر على متن طائرة أنت قائدها. هذا يشعرنا بالفرح ويشعرنا بالأمان أيضا. خذ بالك منها، هذه غاليتنا نسلمك إياها...
قالت دلع: ولا يهمك أبونا، الكابتن سليم لا يحتاج إلى توصية...
قال أبونا ميشيل يحادث سمر: الكابتن سليم من سكان دمشق القديمة، داره قريبة من دار أهلك، وهو من خيرة الشباب، يعيش هو وأمه التي تدعو له دائما أن يوفقه ويجد ابنة الحلال لتملأ دارهم الكبيرة في السعادة ويرزقهما خلفة تملأ حياتهما بهجة،
تقول أمه: أتمنى أن أرى أحفادي قبل أن أموت، وبعد ذلك أودع هذه اليابسة، وأنا سعيدة مطمئنة على ابني...
قالت مضيفة: كلام أم سليم درر، زينة الحياة الدنيا المال والبنون، كابتننا يستحق أجمل الصبايا...ونظرت مبتسمة إلى سحر...ابتسامة ذات معنى مقصود...
قال الكابتن: حان الوقت لنصعد إلى الطائرة هيا بنا...
قال أبونا ميشيل: كم أتمنى أن أزور الصين يوما وأشاهد عظمة الإنسان الذي بنى سور الصين العظيم...
كانت سحر تنظر من نافذة الطائرة وتقول ربي احفظ أهلي والجميع وباركهم...
هدى أرشدت أهلها إلى مقهى المطار حيث الطاولة التي كانت تحبها سحر كثيراَ، لأنها تشرف على حركة الطائرات الصاعدة والهابطة، وكم كان يسعدها منظر الطيارين والمضيفات الجويات، حينها كانت أختي لا تزال طالبة في الجامعة... ولم يخطر ببالها يوما بأنها ستكون هي بالذات، واحدة من المضيفات، أو ربما كان حلمها ولم تكن تصرح به...
وزع الكابتن سليم المهمات على المضيفات، وقال إلى سحر أرجو أن تبقي هذه الابتسامة الساحرة المشرقة أمام الركاب وأنت تقدمين لهم الضيافة فتصبح رحلتنا ممتعة... أنت نجمة المضيفات في الشركة السورية...
أصبحت تلميحات الكابتن سليم، أكثر من واضحة، بأنه معجب في سحر وبأنه يختارها شريكة العمر التي يبحث عنها...
لكن سحر، قلبها لا يزال مقفلا، وغبار سنوات عديدة تراكمت عليه، وكلمات غزل سليم لم تفلح في فتح باب قلبها الموصد...
لا شك، كل ما تطلبه أغلب الصبايا، هو العريس الحلم، الذي يأتي على حصان أبيض يحمل عروسته ويحلقا سوية...
وها هو العريس جاء يمتطي السحاب، شاب وسيم، محترم، بهي الطلة، غني وداره برحة جميلة... وسيارته فاخرة تزين حارته، وهو يبحث عن عروس مناسبة، وسحر هي الشابة المناسبة من كل النواحي.
الكابتن بكل تلميحاته، يقصد أن يفهم سحر بأنه معجب فيها، وبأنه يرغب بها شريكة العمر... كذلك المضيفات زميلات سحر، كن يشجعنها على التجاوب مع العريس اللقطة.
لكن سحر لا يحرك قلبها سوى الحب، وقلبها لم يخفق إلى سليم. الحب عندها هو الدنيا كل الدنيا، لا يهمها مال، ولا يهمها جاه، ولا أي عنصر من العناصر التي تركض خلفها طالبات الزواج...سحر طلبها الوحيد، شاب تعشقه ويجمعهما حبا لا ينتهي، يدوم أبدا.
الحب في نظرها قلب نابض لا يتوقف أبداً وإذا توقف يوما، هذا يعني الحياة توقفت، أو بتعبير أصح هو النهاية...
سحر منذ كانت في الجامعة سدت منافذ قلبها. كان غرامها الكتب السياحية والطيران وأن تتخرج في الجامعة بامتياز...
لكن المشكلة بعد تخرجها نست أن تفتح أبواب قلبها...
وما فتئ قلبها مغلقا، ولم تستطع مفاتيح الكابتن سليم أن تفتح أبوابه.
حاول الكابتن سليم أن يكسب ود سحر، لكن سحر قلبها مقفل
هي تدرك بأنه شاب مناسب لها تماما، لكن قلبها عجز أن يتوافق مع عقلها. فابتعدت.
وهو يأمل بأن تعود سحر إليه قريبا...
إلى اللقاء في الحلقة السابعة
مؤلف القصة: عبده داود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق