أحلام أنثى
الحلقة الثامنة عشر
نهاية الجزء الأول
فوز العقل
قالت هدى: كنت في بيت لويس، عندما رجع لويس إلى المنزل ولأول مرة أسمعه يغني والفرحة تملأ قلبه، وقال لي : أخيرا أفصحت عن مكنون قلبي، أنا اليوم طلبت يد أختك رسمياً، ووعدتها بتحقيق كل ما تتمناه هي، وكل ما يمكنني فعله من أجل سعادتها، قلت لها: لك الحرية الكاملة في اختيار طريقة حياتك...أن تبقى مضيفة طيران، أو أن تمكثي في المنزل وتتفرغي للكتابة، وعندما ترغبين أن تذهبي إلى أي دولة تحبين الذهاب اليها لتكملة مشروع مؤلفك أو مؤلفاتك...أنا سأرافقك وأكون إلى جانبك أساندك، وسوف أطبع لك مؤلفاتك في أحدث مطابع العالم، وعلى أفضل أنواع الورق الفاخر.
وأضاف لويس المال وفير والحمد لله المزرعة التي اشتريتها من الجماعة الذين هاجروا من سورية كانت أرضهم الشاسعة شبه ميتة لكن تمكنت من تعميق البئر فيها فنبعت المياه من باطنها غزيرة، صالحة للشرب والزراعة، زرعت الأرض وشجرتها...
واليوم مواسمها ما شاء الله، تذهب السيارات محملة بالمنتجات الزراعية إلى سوق الهال... وتعود محملة بالنقود...
استشار أهلي أبونا ميشيل من أجل سحر: كان سعيدا بهذا الخبر، لكن بشكل حذر بشأن وجود أربعة أطفال صغار في المنزل، ولا بد سحر سترغب بخلفة من أحشائها هي، وعندئذ ستكون هناك مشكلة ولا أحد يعرف كيف ستتمخض الأمور. ولكنها غالبا لا تسر...
وأضاف أبونا: أنا أعرف لويس، هو من الشباب النادرين بأخلاقهم الرفيعة، وسخاء يده، إلى القريب والغريب... لكن المستقبل لا يعرفه غير الله...
تابعت هده تقول: مضت أيام وكنت أراقب لويس، كانت الفرحة تملأ قلبه، وكان كثيرا ما يحضر الخياط إلى منزله ويركز له قياس البدلات الجديدة التي يخيطها...
بينما سحر لم تكن مهتمة، حتى لم ألاحظها تبتسم، لكنها كانت تقضي أوقاتا وهي تعزف على البيانو ألحاناً حزينة، ربما كانت تصلي وهي تعزف...لم تكن تصارحني، ولم أسمع أهلي يسألون سحر أي سؤال، يبدو هما تركا القرار بالكامل إلى سحر ولم يبديا قبولاً أو رفضاً للموضوع...
تابعت هدى تقول: جاء عيد الميلاد، دقت أجراس العيد، يوما كانت الدنيا تثلج، رغم ذلك أخذنا لويس أنا والأولاد في جولة في سيارته الفخمة المدفأة...نزور حي الكنائس القديمة بالقرب من دار أهلي... وكانت شخصيات البابا نويل عديدين في ثيابهم الحمراء، والأجراس في أياديهم، قال لويس سيأتي بابا نويل يزورنا هذه الليلة ويحضر لنا معه الهدايا...
كانت الحركة في منطقة باب توما والباب الشرقي تعج في الحركة، وأصوات تراتيل فيروز عن الميلاد مسموعة من أغلب المنازل، والأضواء الملونة الراقصة تزين شجرات الميلاد في أغلب البيوت وحتى الشجر في الشوارع...
قال لويس علينا أن نعود إلى المنزل سيأتي زوارنا...
جاء أهل لويس، وجاء أهل المرحومة زوجته، وجاء أهلي، لكن أختي سحر لم تحضر معهم...
وشعرت بأن لويس شعر باضطراب وهو ينظر إلى ساعته، وينظر من نوافذ البيت عساه يرى سيارة غريبة تقف أمام المنزل...
جاء لويس بجانبي وسألني هامساً، لماذا سحر لم تحضر، هل هذا يعتبر رفضاً لطلبي أم ماذا؟ أنا محتار لو كان طلبي مرفوضاً لم يحضر أهلك إلى منزلي، وإذا كان طلبي مقبولاً، لماذا لم تحضر سحر... أريد حلاً لهذه المعادلة غير المفهومة.
قلت: آه لقد نسيت أنا كنت أتظاهر بعدم معرفة بواطن الأمور، ولكن وصلت الأمور لحد يجب أن تكشف الأوراق، قلت: أعطتني سحر رسالة لك وأخرجت الرسالة من حقيبتي وأعطيته إياها:
كتبت سحر:
أخي الغالي لويس.
أنا لا أعرف أحدا بنبل مشاعرك، وحفظك الود لمن تحب لأنك إنسان طيب القلب نبيل المشاعر، وأكبر دليل على كلامي، هو حبك العميق إلى زوجتك المرحومة جورجيت، أنا أحترم مشاعرك المقدسة تجاه المرحومة، وأعرف بأنها تسكن في قلبك وتلازمك حيث تذهب... وهذا إن دل على شيء، يدل على الحب المتجذر في قلبك الصادق...
لكن يا لويس أنا ضعيفة، أنانية، لا أقدر أن يشاركني أحد في قلبك،
أنا، لا اريد شريكا في قلبك، أنا اريد قلبك بالكامل لي، لكن قلبك مسكون بإنسانة غائبة حاضرة لن ترحل...
لذلك أنا سأكون أختا لك صديقة مدى العمر، وها هم أهلي في دارك ليقولوا لك أنت أخ لي ولأختي هدى... نحن ليس لدينا أخ ستكون أنت أخونا.
أنا اخترت الرجل الذي يناسبني، الكابتن سليم، سأعيش معه بسلام على الأرض وفي الجو...
صارت هناك ضجة وغناء وأصوات أجراس بالحديقة قال لويس: لقذ وصل بابا نويل، خافت الطفلة جورجيت وأخذت تركض نحوي خائفة وهي تناديني ماما، ماما، وهي تبكي...
نظر الجميع إلى الطفلة، وأغرقت الدموع عيون الجميع حتى لويس أخذ يجهش بالبكاء... حمل أبنته ونظر إلي وقال، حبيبتي هدى هل تقبلين أن تكوني أماً حقيقية لجورجيت ولأولادي؟
ساد صمت، ولاحظت الجميع ينظرون إلى، قلت هؤلاء هم أولادي أنا مذ دخلت هذا البيت، وأنت هو أبوهم... هذا يعني أنت حتماً زوجي الحبيب يا لويس...
يبدو الأختان نالتا السعادة...
كاتب القصة ومؤلفها: عبده داود
إلى اللقاء: بالجزء الثاني
الرواية بجميع أجزائها مدونة في (مجموعة أحلام أنثى)
أرجو من القارئ الكريم أن يكتب رأيه في القصة سلبا أم إيجابا لأن رأيكم يهمنا...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق