الكابوس
بقلم الشاعر إبراهيم العمر .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتراءى لك أحيانا بعض الهياكل العظمية,
لها أحداق كبيرة عميقة سوداء دائرية,
تتحرك في العتمة البعيدة,
تبعث رائحة العفونة والموت,
بعضها يخرج من التراب,
يتسلق على جذوع الأشجار,
تلفت برأسها دائما نحوك,
عيونها عليك,
لا ترى شيئا في الوجود سواك,
تحرّك بفكيّها،
وتصدر صريرا حادا في أذنيك،
يشبه الصوت الذي تصدره دواليب الطاحونة الحجرية,
أو الدواليب الصخرية الكبيرة التي تعصر الزيتون,
وقد تشعر بأن أصابعا حديدية أطبقت على عنقك,
وبدأت تشدّ,
تشعر بنقص الأوكسجين في الهواء,
تشعر بغصّة,
تشعر بشيء من ضيق في التنفّس,
تشعر بالإختناق,
تشعر بحفيف يلامس أذنيك,
تسمع وشوشة,
تسمع صدى,
تسمع صوتا مبحوحا آتيا من بعيد,
تسمع تمتمة,
تشعر بشفاه خشنة مخرمشة،
تعبث بخدودك وشعرك,
وتنهش في رأسك,
ويخيّل إليك أنك تسمع وترى ألواح الرخام الأبيض،
وهي تنزاح عن القبور,
الهياكل العظمية خرجت,
لتمارس بعض الطقوس الجنائزية,
لن تعود من دونك,
إنها قادمة إليك,
القشعريرة تسري في سائر بدنك,
تشعر بأظافرها السميكة المهشمة تخدش جلدك.
يضيع منك الإحساس بالواقع،
تشعر بأن كل ما تراه وتسمعه ويتراءى لك هو حقيقة,
وأن ساعتك قد دقت,
وزيتك انتهى,
وأنك هالك لا محالة،
وذاهب مع الهياكل العظمية,
وأن هذا اللحم البائس الذي يكسو عظامك ،
قد بدأ يتحلحل ويتراخى,
بدأ يذبل ويتساقط,
وأنك أصبحت عظاما في وعاء من الدم,
لتخرج بعد قليل هيكلا عظميا،
متراقصا في الظلال،
مثل الهياكل في مخيلتك. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق