الوصية
لا تقتلني مرتين
يا أيها الغراب
إترك لهذا الجسد الثقيل
فسحة صغيرة
قبل الرحيل ليعبر
بحكايته
نوافذ الرحمن و يهرب
منك لزمنٍ آخر
فلا بقاء معك يا أيها
الطاعن ههنا
كل شيء بجسدي
محطم
و لا أملك إلا حقائب
الهزيمة
هنا حتى القصيدة تخذلني
مثلك
لا تستطيع أن تستوعب
فكرتي بالوجع
فهناك فراغٌ كبير بداخلي
مازال يجهدني
فراغٌ يحملني إلى حيث
الألم الكبير
و رسائل أحزاني بقيت
غير مقروءة
من الأموات اليأسين
و أنا أيضاً كذبت
عليك
لم أقرأها عندما كتبت
وصيتي الأخيرة
لك
تركت كل شيء بحياة
الأخرين ورائي
و نسيت في الغياب أن
أحيا
حينما سافرت مع الريح
دون أن أحلم
بالنجاة
فإلى أين أسير بجسدي
بهذا العنف
لا أدري
فهل أنا حقاً حي
أو ميتٌ مخدور ينقصه
حفرة
هل القيت حقاً
بما كنت أبحث عنه
هل الحياة أوصلتني لآخر
النفق لأبكي وحدي
دون أن تراني الآلهة و
الملائكة الصغار
أنا غير مدرك لسيرة الدروب
الطويلة
و كم مضى من الوقت
لأعود إلى الماضي
المكسور
الليل مع الغراب سكنوا
حالمين بجسدي
كجرحٍ أبدي و ناموا بألمي
واقفين
بزمن الهزيمة
الصليب وحده وحدني مع
الوحي المبشر
و قال لي أكتب
إكتب وصيتك في
الحجر
لتستريح من وجع
الحياة
قلت لكني لا أستطيع
التحمل بعناء الكتابة
لأكتب فراغاً
و لا أجيد الكتابة بلغة
الحالمين
قال إكتب لتملك الرغبة
و المعنى
و تحلم بالفراشة التي ترقص
بحلمك القديم
قلت سأكتب من الوحي
ما يستجيب لهذا
الفكر
كتبت سراب سراب
سراب
رد الصليب غاضباً مني
و قال
لماذا كبرت هكذا و كتبتَ
في السراب
قلت
الحزن كبرني عند حدود
الحرام
فشهقت بباب الكلب و نمت
على الحجر
وركعتُ للسجود للرب
بكنيسة مهجورة قديمة
دون أن تراني الآلهة
الحاقدة
فالدعاء على الظالمين
كانت هي لغة وصيتي
الأخيرة للغراب
فلم أعد أملك جواز
العودة
للوراء لأحيا ثانيةً
السيوف أهلكت روحي
بوجع الطعنات
وحدها السراب تقودني
كشبحٍ عابر للهاوية
و الكلمات كلها لم تعد لها
معنى بالقصيدة
يا أيها الصليب المعلق
بصدر السماء
قل لي من سيخلد من
الشعراء بعدي
بترتيب المعاني بجنازة
المتوفي البائس
من سيكتب لغتي بسيرة
النحو القديم
و فلسفتي بالكتابة كملحمة
طويلة
لتقرأها أصنام الحجارة
و كل التماثيل
من يملك مثلي ذاكرة
متعبة
و يرث من أرض الشعراء
الوحي المكسور
ليكتب للغراب وصيته
بملح التراب
من سيقول للعابرين
عن أشياء دفنتها بين
كلماتي
حينما أورثني الخيال
ألم القصيدة
من سيحكي سيرتي
الذاتية
للقادمين من الحكماء
بأنني نعشٌ من الموتى
القدامى
لكن روحي هي
ماتزال
تبحث عن درب المقبرة
لتهدء و تستكن
لتكتمل لوحة الموت بجسدي
بوطن المنفى
ل ينتهي الغراب من قتلي
البعيد و يستريح
من طعن مقتولٍ
قديم
منسيٌ بين جدران الخرافة
و الكآبة
فالأيام كلها إنقلبت
حتى شاخت الحجارة
ليوم القيامة
✍️ مصطفى محمد كبار ✍️
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق