ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تُعَيِّرُني بالشَّيبِ بَينَ الحَبائِبِ ...
وَلَم تَدرِ أنَّ الشَّيبَ ضُوءُ الغَياهِبِ
بصُبحٍ ولَيلٍ عَيَّرَتني بشَيبَتي ...
ويا لَيتَها تَدري بشَرِّ العَواقِبِ
تُعَيِّرُني في كلِّ حينٍ بشَيبَتي ...
وما شيبَتي إلَّا نَتاجَ المَصائِبِ
وهذا بَياضٌ عن سَوادِ مَعيشَةٍ ...
يَسودُ الرَّضيعَ الرَّأسَ بَعدَ النَّوائِبِ
وما الشَّيبُ إلَّا عن وِقارٍ وهَيبَةٍ ...
وما كانَ عارٌ في بَياضِ الشَّوائِبِ
فإن شابَ شَعرُ الرأسِ عِندي ولِحيَتي ...
فإنَّ شبابي لا يَزالُ بصاحِبي
فكم من صَغيرٍ فاشِلٍ في شَديدَةٍ ...
وكم من مَشيبٍ راقَ عندَ الكَواعِبِ
ألا أَيُّها الشَّيبُ الذي قد أضاءَني ...
كلَيلٍ بأقمارٍ وأعلى مَراتِبي
أراكَ مَلأتَ الرأسَ أبيضَ ناصِعٍ ...
وكُلُّهُ من أضغاثِ نَومِ المَتاعِبِ
وأصلُ مَشيبٍ في الذِّراعِ بَياضُهُ ...
وقد زادَهُ في الصَّدرِ شَيبُ التَّرائِبِ
ذِراعي وصَدري بالسَّوادِ مُخَضَّبٌ ...
بلَونٍ كلَونِ المِسكِ من كُلِّ جانِبِ
حَمَلتَ إلَيَّ الحُسنَ وَجهَ وَسامَةٍ ...
كبَدرِ اللَّيالي طَلَّ دونَ السَّحائِبِ
فَحُيِّيتَ خَيرًا في المَشيبِ مَهابَةً ...
وحُيِّيتَ حُسنًا للوَقارِ بكاسِبِ
فَلَيتَ الذي بَيني وبَينَ ذُؤابَتي ...
منَ القُربِ ما بَيني وبَينَ الحَبائِبِ
كَثيرُ حَياءِ المَرءِ مِثلُ قَليلِهِ ...
يَزولُ بصُغرٍ أو يَزولُ بشائِبِ
شَبابٌ وشِيبٌ في الحَياةِ ضِيافَةٌ ...
قِراءٌ لأُنسٍ قادِمٍ مِثلُ ذاهِبِ
وَأبيَضُ رأسِ الشَّيبِ أعلى تَواضُعًا ...
وَأَكثَرُ حِلمًا مِن غُرورِ الشَّبائِبِ
يَهونُ عَلى مِثلي سَماعُ مَعَرَّةٍ ...
بشَيبٍ بلا عَيبٍ ولَستُ بغاضِبِ
ويا لَيتَها إذ عايَرَتني بَصيرَةً ...
ولكِنَّها قد عايَرَتني بحاجِبِ
فلَستُ إذا خِفتُ الأفاعي عِضاضَةً ...
لجَأتُ إلى نَومٍ بحُضنِ العَقارِبِ
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
"كواعب: الكاعِبُ : الحسناء تَرْفُلُ في الدِّمَقْس وفي الحريرِ"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
محمد بن بوڨرة جعيجع من الجزائر ـ 24 جويلية 2023
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق