بقلم الشاعر إبراهيم العمر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تتألم النفوس الحساسة أكثر من غيرها,
وتشعر بالوجع بشكل مبالغ به,
وتصرخ بشكل أقوى,
وتكون لديها قدرة كبيرة
على إظهار الفرح والبهجة والسرور,
ويمكن للأعمال الفنية التي تتسرب أثناء الوجع,
مهما كانت أشكالها,
وأشكال القوالب التي تظهر بها,
أن تكون في غاية الروعة والجمال.
نحن, في الغالب, تأخذنا معايير الجمال,
وتبهرنا اللمسات الفنية الأنيقة الراقية,
ننبهر ونقف مأخوذين بحساسية المشاعر
ورهافة التعابير
وروعة التشابيه والتصاوير,
وجمالية تداخل وتماذج الألوان والخطوط,
ولا نفكر بكمية الألم والقهر والظلم,
لا نفكر بدرجة الحرارة العالية
التي تعرضت لها تلك الخامات
التي أنتجت تلك الأعمال
التي نقف قبالتها مشدوهين,
وننسى نظرية التناقض والتوازن والإنسجام,
ننسي الجانب الذي يتواجد في العتمة,
ننسى الظروف القاسية
التي أدت الى صهر تلك الخامات
وقولبتها في تلك الأشكال,
وقد نحسد الكاتب, أو الشاعر, أو الرسام, أو الفنان بشكل عام,
بأنه موهوب,
ونعزي جماليات الإنتاج
الى الموهبة
والعطاء الرباني الذي تميّز به إنسان, دون غيره.
الظروف القاسية هي التي تصقل الموهبة,
الحرارة العالية هي التي تسيخ المعادن ليسهل تشكيلها.
مهما كانت الموهبة عامل مهم,
ولكنه أبدا غير كاف
لإدراك درجة عالية
من الإتقان والجمال والحساسية والتأثير.
هناك بعض العوامل المشتركة
بين الفنان وبين المتلقي
لكي يحصل الإعجاب والتأثر,
ومهما نرى بعض الأعمال في غاية الروعة,
يبقى هذا التأثير مقصورا على بعض الناس
الذين لديهم بعض القواسم
وبعض التجارب والحساسية المشتركة,
ويبقى بعض الناس ...
لديهم رؤى متناقضة ومغايرة
حول مختلف الأشياء.
كلما زادت القواسم المشتركة بين الناس,
زاد إعجابهم ببعض,
وزاد تقديرهم بأعمال بعض,
وفاضت أحاسيسهم بين بعضهم
وزادت كميات المحبة والحنان
التي تنعصر منهم
وتفيض لتتماذج وتتداخل وتنصهر
الى أن تتضاءل التناقضات بينهم
وتتلاشى الفوارق
ويصبحون نسيجا واحدا
لجسد واحد
ولروح واحدة.
ـــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق