الاثنين، 21 أغسطس 2023

رسائل يكتبها الليل ٣٩ بقلم بنيامين حيدر

رسائل يكتبها الليل ٣٩
وتستمر الحكاية

في هذه الفترة بالذات ، واجهت صعوبات كثيرة مع بعض افراد الاسرة الذين رفضوا قبولي تحمل العهدة المناطة بي ، نظرا لصغر سني ..
في هذه الفترة مرضت بمرض الحصبة الذي يصيب عادة الاطفال، فارغمت على ملازمة الفراش ، وهجر مقاعد الدراسة لمدة شهر ..
حاول اخوتي استلام مقاليد المسؤولية ، ولكنني رفضت رفضا قاطعا ، و تشبثت بالامانة بكل اصرار ..
شفيت من مرضي ، و عدت الى مقاعد الدراسة ، و قد اقتربت امتحانات اخر السنة . و بالرغم من المدة التي غبتها اصررت على النجاح بتفوق ، و تشجيع كل اساتذتي ..
مرت العطلة الصيفية ، وعدت الى معهدي ..احسست انني متعبة جدا .. اصبحت اشعر بدوار و اوجاع كثيرة تنتابني لحد الاغماء . منعت من تعاطي الرياضة في المعهد من طرف الطبيب المباشر ، في انتظار التحاليل اللازمة ..
وتبين اخيرا ان بعضهم كان يضع لي في كاس الشاي مبيدا حشريا ..
وقعت المواجهة ما ببنهم لادرك بشاعة قوى الشر المتربصة بي..
هم بعض الاخوة الاعداء الذين حاكوا خيوط المكيدة للخلاص مني ..
قالوا انني اذنبت في حقهم، وقد استحوذت على كل شيء في هذا البيت !!
اخذت الحب و التفضيل و الصلاحيات، و القرارات ، و اثبات الذات و الحضور ، وان ابي قد جردهم من كل شيء ، حتى انه كان ينوي ان يهب لي البيت !!
يا الاهي !!كل هذه ذنوبي انا ؟؟
كل هذا اغضبهم لدرجة انهم حاولوا التخلص مني ؟؟
انا التي كنت اظن انني اعيش بين افراد اسرة واحدة ، دمنا واحد ، و لقبنا واحد ، و نعيش مع والدين تحت سقف واحد ؟؟
كنت اسمع الاتهامات ، وانا مصدومة ..!!
لم ارد !!
تركتهم و غادرت !!
انا لم اذنب في حقهم !!
انا لا ارد بالمثل !!
انا ترفعت ..انا تعاليت ، حتى لا اسقط لقاعهم ..
انا لا احب هذه المواجهات التي سيستخدم فيها الكلام النابي ، الفظ ، الغليظ ، و الموجع الذي سيسعر نار الضغينة اكثر ..
لست بحاجة الى حشد عبارات جارحة ..اريد ان احتفظ بخيوط الود التي بقيت .. لم اخبر ابي بشيء مما حصل ، خوفا من ردة فعله ، التي ستاجج الوضع ، و تسعر نار الغضب و تثير عجاج الصراع ..
سامحت، و تجاوزت ..و يا ليتني ما فعلت !!
لقد اعطيتهم الوقت الكافي ، والفرص ، لكي يؤذونني اكثر ..!!
مر وادي الايام مترعا بالمرارة و الوجع..و حل فصل الشتاء ببرده القارس ..كنت ليلتها في غرفتي منزوية كعادتي ، اطالع كتابا لتخف توتراتي المتراكمة ، و لابحر في عوالم اخرى لا اعرفها ..كانت متعة لا توصف وانا اقرا لانسى همومي و احزاني اليومية ..
لا اعرف كم مر من الوقت ..لاجد كل ما في الغرفة يدور و يدور ، وانا ادور معه بدون توقف ..احسست بالغثيان .. بالاختناق ، وانا اتنفس بصعوبة ..الاجراس تدق في راسي بقوة ،و تصم اذاني ..حاولت الوقوف لاخرج من الغرفة ، و لكني تهاويت على الارض ، قريبا من الباب ...حاولت الدق عليه ..لاطلب النجدة ، حاولت ان اصيح ،و لكن لا صوت يخرج من حنجرتي ..الا فحيح ..او حشرجة ..اصبحت اجد صعوبة في التنفس ..
وفجاة فتح الباب من الخارج ..وانا في شبه غيبوبة ..
و عندما بدات افيق ، وجدت نفسي في الشارع ، وانا حافية القدمين ، بين سواعد رجال اتت بهم الاقدار لنجاتي من موت محقق ..بشير ، هو جارنا الذي انتشلني من الهوة التي كنت فيها !!
بشير هو جارنا بمثابة والدي ..كان رجلا خلوقا و طيبا ..لم اعرف في حياتي احدا بمثل استقامته و نقاء سريرته ، و صفاء معدنه ، و طيب معشره ..
قدم بشير مع والدته لزيارتنا ، وعند مروره من امام الغرفة سمع صوتا غريبا ..هذا ما دفعه لفتح الباب ليجدني ملقاة على الارض في حالة اغماء ..
لقد وضعوا كانونا مشتعلا في غرفتي بدون ان اتفطن ..وهم يعرفون انني لا احتمل غازات الفحم ..!!
هم شياطين البيت الذين دبروا المكيدة..هم الذين اعتادوا حياكة خيوط الشر ..ولكنهم سقطوا سقوط الاراذل ، في النهاية !!
كيف لي مقارعة الاوغاد ، و بتر رموز الاحقاد ؟؟
هل هنالك شعورا اشد ايلاما و غضبا من هذا الذي حدث ..؟؟
اصبحت الايام ثقيلة، لا اقوى على تحملها ، وانا امر بكل درجات الرعب ..انه الموت البطيء ..انها صرخة ضد الظلم و القهر و الحقد ، مصبوغة بالم شديد ..لا اعرف مصابا اكثر وجعا من محاولة القتل ؟؟
انهم اخوتي الذين كنت احمل لهم سقاء المحبة و المودة !!
عاد ابي من سفره محملا بشوقه و هداياه ، ليجدني طريحة الفراش ..
لم استطع ان ابوح باي شيء ، وهذا ما طلبته مني والدتي درءا لتاجيج الوضع ..!!
انا التي كنت اعيش على نصل الوجع ، وقد روع اخوتي ايامي ..!!
تنفست اخيرا ، الصعداء لانني اديت الامانة على اكمل وجه !!
والدي هو سندي ، و سراجي المنير لعبور نفق الحياة المظلم بسلام و امان ..
صحيح انني توجعت ، وذقت المر ، وما الدموع التي ذرفتها في حالات ضعفي و ياسي ، الا انتصار لي على الام الحياة !!
صحيح ان الحياة مخاض عسير لا ينتهي ..!!
اليست حياتنا حلما توقضنا منه محنة ، او كارثة ، او مصيبة ..؟؟
لا تصدموا من غدر الاقرباء ، و قبلكم يوسف ، غدر به اخوته ، وهو احد الانبياء !!
*ولا يحيق المكر السيء الا باهله ..لو اجتمع الجن و الانس على ان يضروك بشيء ، لن يضروك الا بشيء قد كتبه الله عليك !!*
 يتبع
بنيامين حيدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

مَنْ زعلك مَنْ بقلم العلاء الرشاحي عدنان عبد الغني أحمد

.........مَنْ زعلك مَنْ....!؟                       ...................  ـ من زعلك ياحبيبي   وأنت لحياتي عمود .. ـ من زعلك ياحياتي   هم ...