السبت، 9 سبتمبر 2023

تَحليلُ النَّصِّ لكاتبة مريم سدرا بقلم صاحب ساجت

قراءَةٌ في نَصٍّ أدبيٍّ..
         
               العَلاقَةُ بَينَ..
 " واقِعِ الصُّورَةِ.. وَ شاعِريَّةِ الخَيالِ " 

أولًا:- تعريفُ الشعرِ Poetry
* باللُّغةِ العربيةِ:-
  شكلٌ من أشكالِ الفنِّ الأدبي في اللُّغةِ الّتي تستخدمُ الجماليةَ وَ الصفاتِ. كلامٌ موزونٌ و مقفًّىٰ، دالٌّ نظمُهُ علـىٰ معنًىٰ، يتضمنُ أكثرَ من بيتٍ.
* باللُّغةِ الانگليزيةِ:-
Poetry is a type of literature, or artistic writing, that attempts to stir a reader's. imagination or emotion
(الشعرُ هو نوعٌ منَ الأدبِ أو الكتابةِ الفنيةِ التي تحاولُ إثارةَ خيالِ القارِئ 
أو عواطفِهِ.) (منقول بتصرف)

ثانيًا:- أصلُ الموضوعِ
نصٌّ أدبيٌّ بعنوانِ (.. إنَّهُ الشِّعرُ!)
الكاتبةُ :- مريم سدرا /مصر
 . " إنَّهُ الشعرُ ! " 
هلْ صادفتَ مرةً قصيدةً
تمشي الخُيلاءْ؟
أو قابلتَ شعرًا ثَمِلًا 
 بينَ روضٍ وَ بيداءْ 
حاملًا أخبارَ الهوَىٰ 
عِبرَ أزمنةٍ صمّاءْ 
راحلون يلهثون حبًّا
من ميناءٍ إلـىٰ ميناءْ 
في مرافئ الفُصُولِ 
تَوَّاقينَ يَتمنونَ البقاءْ
هلْ لمحتَ في أعيُنِ قَصيدٍ 
باحثينَ عنِ الهوَىٰ
يتجولونَ بينَ السُّطورِ
منْ فناءٍ إلـىٰ فناءْ 
الأَيَّامُ حُبْلَـىٰ.. 
وُ الحكاياتُ لمْ تزلْ بكماءْ 
تصدحُ بصمتٍ في شطرِ بيتٍ
أو بينَ أروقةٍ خرساءْ
تَرتعشُ عندَ شفاهٍ.. تَتجمَّرُ
وَ تَغدو لقلبٍ داءً.. ثُمَّ دواءْ 
تعيشُ بينَ ثغرٍ وَ قلبِ عاشقٍ 
كَلَّلهُ العطاءْ
تقطنُ بينَ مهدٍ وَ لحدٍ
مخاضُها عسيرٌ وَ آلامُها شفاءْ
كَفَنُها رايةُ سلامٍ 
لمحبرةِ النُزلاءْ
إنَّهُ الشعرُ يا سيدي
دموعُ سحابٍ 
بكاءُ روحٍ
وَ راحةُ البؤساءْ !
فَرَحُهُ لا يكتملُ، 
حُزنُهُ جَلَّلَهُ البهاءْ 
لا يرخي قبضةً..
إنْ مَلأَ الكونَ ضياءْ ! 
         (ق/ مريم سدرا/مصر)

ثالثًا:- تَحليلُ النَّصِّ..
             وَصلتِ الكاتبةُ إلـىٰ حالةٍ شعوريةٍ خاصةٍ عندَ كتابتِها للنصِّ!
عَمدَتْ أنْ ترسُمَ صورةً في مخيَّلتها
و هي تحركُ "القصيدةَ" الّتي تراها،
رأي العينِ، كأيِّ كائنٍ حيٍّ، بحيثُ جعلتْ للمتلقّي مكانًا يعيشُهُ قربَها، 
وَ أنَّىٰ هي تَكونُ!
(راحلون يلهثون حبًّا
من ميناءٍ إلـىٰ ميناءْ 
في مرافئ الفُصُولِ 
تَوَّاقينَ يَتمنونَ البقاءْ)... النص
 
        * بدايةً.. العنوانُ، الذي جاءَ استفزازيًّا للذِّهنِ، رُغمَ تناسبِهِ معَ المحتوىٰ، وَ دالٌّ عليهِ. 
   فَهو -أيْ العنوانُ- تَميَّزَ بالجاذبيةِ، 
كَونُهُ مُجتزَأً منْ جملةِ جوابٍ لسؤالٍ ( ما الّذي فعلَ ذٰلكَ؟.. إنَّهُ الشِّعرُ!)، يتضحُ للعيانِ بعدَ الإنتهاءِ من قراءةِ النصِّ وَ تدبُّرهِ.
فَنَلحَظُ أنَّ الكاتبةَ حرصتْ علـىٰ أنْ تُبدِعَ في كتابتِها منذُ البدايةِ إلـىٰ آخرَ كلمةٍ.

    * الفنُّ الوصفيُّ لا بُدَّ منْ تفصيلٍ فيهِ، بِقصدِ التَّأثيرِ وَ زيادةِ لُحمَةِ
مشاعرِ القارِئ.. بالنَّصِّ.
     فجُمَلُ النصِّ وَ أحداثهِ قصيرةٌ،
وَ مباشرةٌ، تُفسرُ موقفًا ما، بجزالَةِ تعبيرٍ لا تُرهقُ الذهنَ، معَ ترابطِ الأفكارِ بينَ النصِّ وَ القارئ عنْ طريقِ سلاسةِ 
وَ رشاقةِ الجُمَلِ، وَ الإنتقالُ منْ فكرةٍ إلـىٰ أُخرىٰ..
فالكلماتُ في النصِّ:-
(تعيشُ بينَ ثغرِ وَ قلبِ عاشقٍ 
كَلَّلهُ العطاءْ
تقطنُ بينَ مهدٍ وَ لحدٍ
مخاضُها عسيرٌ وَ آلامُها شفاءْ
كَفَنُها رايةُ سلامٍ )... النص

        * ضُرورةُ إعمالِ العقلِ بالأدلةِ لا بالمحسناتِ فَحَسب؛ فضلًا عنْ اتساعِ مفرداتِ الحقائقِ.. يُعطي الكتابةَ بُعدًا تصويريًّا وَ فضاءً واسعًا، بغيةَ إثارةِ الذِّهنِ. وَ هٰذا ما لمسناهُ في النصِّ المعروضِ بينَ أيدينا منذُ البدايةِ في:-
(هلْ صادفتَ مرةً قصيدةً
تمشي الخُيلاءْ؟
أو قابلتَ شعرًا ثَمِلًا 
 بينَ روضٍ وَ بيداءْ 
حاملًا أخبارَ الهوَىٰ 
عِبرَ أزمنةٍ صمّاءْ )... النص

        * وَ حتَّىٰ لا نَغمطُ حقَّ النصِّ في مَدىٰ قُربهِ أو بُعدهِ منَ الشعرِ في التعريفِ الّذي سقناهُ آنفًـــا..
نراهُ اقتربَ كثيرًا منَ النَظْمِ الشعري ذي المعنَىٰ، المُقفَّىٰ، إلّا إنَّهُ فَقدَ عنصرَ الوزنِ، وَ تشابهَ معَ الخاطرةِ الشعوريَّةِ، أو قصيدةِ النثرِ، بإيقاعٍ داخليٍّ يقابلُ الوزنَ الشعري، معَ اتفاقِ مقاطعِهِ بقافيةٍ واحدةٍ، حافظتْ علـىٰ التَّنغيمِ بصورٍ لفظيةٍ.
وَ بذٰلكَ اقتربَ منَ القصيدةِ الحرةِ أو قصيدةِ النثرِ، لوجودِ مُوسيقا داخليةً فيه.. أيُّ النصُّ!

رابعًا:- استعمالُ الصُورِ البيانيةِ
           في النصِّ...
       ثَمَّةَ دلالاتٌ ظاهرةٌ علـىٰ معنًىٰ خفيٍّ، تُعَدُّ صورٌ بيانيةٌ، منها التشبيهُ
وَ الاستعارةُ. نتناولُ هُنا بشكلٍ مختزلٍ جدًا ذٰلِكُما الفرعينِ، وَ كما وَرَدَا:-
      * التَّشبيهُ.. هو عقدُ مقارنةٍ بينَ طرفينِ أو شيئينِ، يشتركانِ في صفةٍ واحدةٍ، يزيدُ أحدهُما علـىٰ الآخرِ بهٰذهِ الصفةِ، وَ يُذكرُ في الكلامِ المشبهُ، وَ المشبهُ بهِ. فَــ (كلماتُ الشعرِ) تشبهُ:-
(إنَّهُ الشعرُ يا سيدي
دموعُ سحابٍ 
بكاءُ روحٍ
وَ راحةُ البؤساءْ !)... النص
وَ هو تشبيهٌ مؤكَّدٌ، لم يُذكرْ فيهِ أداةُ التشبيهِ.
     * الإستعارةُ.. تشبيهٌ بليغٌ، حُذِفَ منهُ أحدُ طرفيهِ، أمَّا المشبهُ أو المشبهُ بهِ، 
وَ هو منَ المجازِ اللُّغَوي، أمَّا أنْ تكونَ استعارةً تَصريحيةً، أو استعارةً مَكنيَّةً.
وَ نضعُ مثلًا للاستعارةِ المَكنيَّةِ، حُذِفَ منها المشبهُ بهِ، وَ تَمَّ الرمزَ إليهِ بأحدِ لوازمِهِ، أي: معنىٰ يدلُّ عليهِ.
(هلْ صادفتَ مرةً قصيدةً
تمشي الخُيلاءْ؟
أو قابلتَ شعرًا ثَمِلًا)... النص
فالطرفانِ هُما:-
ــ الأولُ:- القصيدةُ أو الشعرُ/ 
            مشبهٌ، المستعارُ لهُ.
ــ الثاني:- أيُّ إنسانٍ يمشي الخُيلاءَ/
             مشبهٌ بهِ، المستعارُ منهُ. 
فهٰذهِ استعارةٌ مَكنيَّةٌ، حُذِفَ منها
المستعارُ منهُ (الإنسان) وَ بقيَ (فعلُ المشي) من لوازمهِ، أو معنىٰ يدلُّ عليهِ.. وَ كذا الحالُ في:-
(عِبرَ أزمنةٍ صمّاءْ)
(حاملًا أخبارَ الهوَىٰ)
( وُ الحكاياتُ لمْ تزلْ بكماءْ 
تصدحُ بصمتٍ في شطرِ بيتٍ) النص
وَ غيرُها...

       أخـــــــــــيرًا...
  حَملتْ لُغةُ النصِّ الحسَّ و الشعورَ بأبهىٰ صورهِ، مشبعٍ بعالمِ الصّورِ وَ الأَخيلةِ، وَ كلماتٍ ذاتَ معانٍ شفافةٍ، تُوحي بجمالٍ فنيٍّ راقٍ، يُبرِزُ دقةَ الوصفِ وَ التعبيرِ، باسلوبٍ سَلسٍ 
و سَهلٍ مُستساغٍ، دونَ تعقيدٍ!
نجحتْ الكاتبةُ - أيُّما نجاحٌ- في كشفِ أفكارِها دونَ غموضٍ، أو ضبابيةٍ، وَ كتبتْ بلُغةٍ تُناسبُ موضوعَها، وَ ذوقَ المتلقِّي.
  هٰكذا تَراءىٰ لي النّصُّ، وَ قرأتهُ بهٰذا الشكلِ وَ المضمونِ، أرجو مَنْ يَجِدُ 
ثَمَّةَ فائدةً أو معلومةً، يُطوُّرُ بها قراءَتي المتواضعةَ، بشكلٍ خاصٍّ، وَ يُقَوُّمُ الٕابداعَ في النصِّ، كي نرتقي بذوقِ المتلقّي وَ ندعوهُ أنْ يُتابعَ بشغفٍ 
وَ درايةٍ ما ينتجهُ الأدباءُ وَ ينشروهُ..
         كُلُّ التّقديرِ للإستاذةِ الفاضلةِ
( مريم سيدرا / مصر)، وَ نغبطُها علـىٰ إبداعاتِها وَ حرصِها علـىٰ تقديمِ أفكارَها بإطارٍ و إسلوبٍ بديعٍ يدعُونا أنْ نَثني عليها جَزيلَ الثَّناءِ...
          معَ أطيبِ التحياتِ.
       (صاحب ساجت/العراق)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

أطفال الشّرقْ المذبوخة بقلم وديع القس

أطفال الشّرقْ المذبوخة ..!! شعر / وديع القس / قتلوا الطّفولة َ في مرامِ الحاقد ِ واستخدموها درعَ غلٍّ أسود ِ / قالوا الطّفولةَ : روحنَا وحيا...