الحلقة الثانية:
أنهى ليث قراة الكتاب وتوجه نحو الشرفة سابحا في تلك الغابات الكثيفة ثم صعد الى الطابق العلوي وشرد مطولا في بديع خلق الله روعة الاشجار التي تلونت وتعددت ..
ثم اخذ يستشعر جمال المكان وسحره وقرر رسم خطة محكمة ليظفر بغنيمة صيد
وقال عساني اجد متعة في الصيد تكون سلوى لروحي ونسيانا لجروحي وافك لغز هذه القرية الغارقة في اسرارها التى ما حللتها اهي شرا ام خيرا ..
فاذا عدنا الى الوراء بحوالي عشرين سنة سنجد سيلا لازالت طفلة تُعد من بين بنات القرية الاوفر حظا رغم دمامة خلقتها إلا أنها حظيت بحياة طبيعية مع اب قوي وام طيبة كانت تساعد والدها في إعداد لوازم صيده وتجهيز ذخيرة الصيد لوالدها المنحدر من جذور هذه القرية.؛ فتقول له: متى تعلمني الصيد ياابي هل ستجلعني اعيش وسط هذه الادغال دون أن تعلمني فنون الصيد و واسراره...؟
ليجيبها والدها: أنا ساجعل منك لغز هذه الادغال يا صغيرتي
لا أؤمن بان الفتاة ضعيفة وانها لاتصلح الا للبيت لا اتقبل هذا يا صغيرتي سيلا
فهذا مجرد هراء ورداء يخفي روعة الانثى وقوتها مع خزعبلات تناقلتها عجائز قريتنا من جيل الى جيل فها أنا احس بتعب يوخز قلبي ولم اتم سنوات شبابي بعد واخشى عليك بعد غيابي
ورغم براعة والدتك في حمايتك لانها تعلم الكثير عن اسرار الغابة والحيوانات وحنكتها التي علمتها الكثير إلا أنه ينتابه شعور غريب يلازمه ولم يهدأ الابعد ان يعلمها كل ماتعلمه
لم يسبق لسيلا أن رأته في كل تلك السنوات الماضية بمثل هذا الاصرار في تسليحها بمايجب ..
ابتسمت سيلا وهي تعانق أباها بكل حرارة وحب فلم يشعرها يوم ببشاعتها بل انه رآها اجمل خلق الله فقد ضخمها وسلحها بثقة كبيرة في نفسها ثم نظرت إليه وبريقُ عينيها يتلألأ و يلمع كالنجم الغائر في كبد السماء وقالت :
اعلم أنك الوحيد الذي سيسلحني لاتغلب على كل الاخطار والقادر على ان تصنع مني ما يعجز الاغلبية عن تصديقه انا ابنتك وورثت الاصرار والشجاعة عنك واعدك ان لايوقفني شيء ياابي..
استمر والدها طيلة سبع سنوات وهو يصطحبها معه في كل رحلاته
ليعود في كل امسية بطريدة صيد ولم ترك جائع اومحتاج في قريتة الا اخدنصيبه من الصيد ولينال هو نصيب كبير من الدعاء
فازدادت سيلا شجاعة وحنكة وطيبة يوما بعد يوم
واصبحت في وقت قصير كأمهر الصيادين في القرية
حتى اصبح الكثير يخفي لها حقدا وحسدا ولم يخفى على والدها انها ستواجه مستقبل قاس نظرا لقلة جمالها وجاذبيتها كقريناتها
وفي ذلك اليوم الذي خرج والد سيلا من المنزل بعد ان وعدها بالعودة بطريدة كبيرة تسعدها
لكن المؤلم انه لم يعد حتى الآن..
ومضت الأيام مظلمة حزينة على سيلا وهي تنعي غياب والدها بأعذار وتبحث عنه في كل شبر ونار الفقد واللهفة والحنين تنخر قلبها..
حتى جاء اليوم الذي عثر فيه اكبر صيادوا القرية على والد سيلا ميتا مرميا في قعر بحيرة باعماق الغابة
لم يستطيع احد ان يصل لحقيقة ما حدث له وبعد شهر على فقدانها والدها رحلت والدتها حزنا وقهرا و استطاعت ان تستمر دونه..
ومنذ ذلك اليوم وسيلا تتعرض للمضايقات و التعامل القاسي
ونعتها بالبشعة المخيفة
ولم تكن تعبأ بما يكيد لها الجميع
كان جل اهتمامها الصيد والعودة مساءً
الامر الذي زاد في محاولة شباب القرية وبناتها من تلفيق لها قصص وحكايا لتشويه سمعتها والطعن في شرفها.
وقام الحميع بطردها
وضعت سيلا حجرا بقلبها وتحجرت الدموع في مقلتيها اللتان لم تجفا من فقدان والديها ثم قالت وتحدثت أمام الجميع : انها ستخرج من القرية لكن الجميع سيندم لماسولت لهم انفسهم وتوعدتهم بالانتقام لنفسها ولشرفها الذي هو شرف والدها الذي اغرقهم بعطفه وخيره
ولاعحب ان القلوب الحاسدة القاسية لن يثمر بها معروف..
اما ليث وبعد تأملٍ عميق في تلك الادغال سمع دق جرس الهاتف فتوجه نحو المنضدة ورفع السماعة قائلا : مرحباً.؛ من المتكلم م ..؟
وأتاه الرد من أُمّه
في المدينة تقول: متى تعود ياليث. عليك بالعودة قريبا
فأنا اعيش لوحدي..، لا يعقل أن تظل في ذلك البيت المتطرف بين الوحوش وتنعزل عن الناس وانت لازلت شابا في ربيع العمر..
وضع ليث السماعة في مكانها وأقفل الخط في وجه أمه
وراح يصرخ ويضرب في راسه في كل جدران البيت ثم اخد ماوجده امامه من أسلحة الصيد وخرج من المنزل وهو يصرخ مع ظلام ذلك الليل..
يتبع..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق