الثبات على الدين فى زمن الفتن
بقلمى : د/ علوى القاضى
... كلام نفيس جدا
... إعلم أخى الكريم أن الدنيا دار بلاء وابتلاء
... وحينما اعترضت الملائكة على أن يكون آدم وذريته خلفاء الله فى الارض وقالوا " أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء " ، وقال سبحانه لهم " إنى أعلم مالاتعلمون " لذلك علم الله سبحانه وتعالى آدم كلمات فتاب عليها من معصيته ، ثم علمه الأسماء كلها حتى يستطيع أن يكون مؤهلا لخلافة الله فى الأرض وليعمر الكون
... وقد توعد الشيطان ابن آدم أن يظل يغويه بالفتن فى الدنيا ليصرفه عن منهج الله حتى قال لله تعالى : ( وعزتك وجلالك لاغوينهم مادامت أرواحهم فى اجسادهم ) ، فقال جل وعلا ( وساغفر لهم ماداموا يستغفروننى ) ، ويظل ابن آدم فى دوامة هذا الصراع بين الحق والباطل وبينه وبين الشيطان محاولا الثبات على منهج الله وماجاء من الحق
... ولم يترك الله سبحانه الإنسان فريسة لنفسه وشيطانه وهواه فقد أرسل له الرسل والأنبياء لتذكيره بمنهج الله ولتجديد إيمانه
... وقد حذرنا المصطفى صل الله عليه وسلم من زمن الفتن فقال فى الحديث مامعناه * سيأتى زمان تكون فيه الفتن كقطع الليل المظلم يمسى المؤمن مؤمنا ويصبح كافرا ويصبح مؤمنا ويمسى كافرا *
... والإنسان بطبيعته وبغرائزه يميل إلى هوى النفس ولوسوسة الشيطان
... لذلك فإن المؤمن دوما يمر باختبارات وابتلاءات وفتن دنيوية
... ومع انتشار التكنولوجيا والأساليب الحديثة فى الترفيه والتمتع بملذات الدنيا بدأت الفتن تزداد وتتنوع والقت بشباكها على الإنسان
... وبناء على ردود أفعاله واستجاباته انقسم أغلب الناس إلى : ( إما شخص منحرف - وإما متذبذب - وإما ثابت )
... والماهر في القرآن يجد آية نكررها دائما ولا نخاف مما تدل عليه من خطر جسيم ، وهي تحتاج منا للتركيز والإنتباه والتدبر ، قال تعالى : { فتزل قدم بعد ثبوتها }
. . لم يقل : بعد تذبذبها بل قال : بعد ثبوتها لماذا ؟!
. . لأن الحياة كلها فتن ، والثبات على الحق صعب ويحتاج إلى قوة إيمانية روحية لجهاد النفس والشيطان والهوى
. . أسأل الله عز وجل لى ولكم الثبات على المنهج الحق من قلوب صادقة
. . والثبات لايكون بكثرة الإستماع للمواعظ إنما يكون بفعل هذه المواعظ وتطبيقها في واقع الحياة
. . والدليل قوله تعالى : { ولو أنهم فعلوا مايوعظون به لكان خيراً لهم وأشد تثبيتا }
. . قال لى أحدهم : أن فلانا انتكس أى خرج عن المنهج ! قلت له : لعل انتكاسته من أمرين :
. . اﻷول : إما أنه لم يسأل الله الثبات
. . الثاني : أو أنه لم يشكر الله على نعمة الإستقامة والثبات
... فاعلم أخى الكريم أنه حين يختارك الله لطريق هدايته ، ليس لأنك متميز عن البشر أو لطاعةٍ منك ، بل هي رحمة منه شملتك ، قد ينزعها منك في أي لحظة
. . لذلك أنصحك بأن لاتغتر بعملك ، ولابعبادتك ، ولا تنظر لعمل غيرك باستصغار ولاتعاير من ضلّ عن سبيله
. . فلولا رحمة الله بك لكنت مكانه
. . أحبابى أعيدوا قراءة هذه الآية التي خوطب بها النبي ﷺ بتدبر قال تعالى : ( ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً )
. . فإياك أن تظن أن الثبات على الإستقامة أحد إنجازاتك الشخصية ولكنه توفيق من الله سبحانه وتعالى
... تأمل هذا الخطاب لسيد البشر محمد صل الله عليه وسلم : " ولولا أن ثبتناك " والكلام لسيد البشرية فكيف بي وبك !؟
... أسأل الله تعالى لى ولكم الثبات على الحق حتى الممات
... وهنا سؤال يفرض نفسه { ماهى وسائل الثبات على الدين فى زمن الفتن ؟ }
... وهنا أذكر من * المثبتات * خمسة هن :
-١- القرآن الكريم : ( كذلك لنثبت به فؤادك )
-٢- قراءة السيرة وقصص الأنبياء : ( كذلك نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك )
-٣- العمل بالموعظة والعلم : ( ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا )
-٤- الدعاء والإلحاح فيه : ( يا مقلب القلوب ثبت قلبي علي دينك وطاعتك )
٥- الرفقة الصالحة : إن أطعت الله أعانوك ، وإن نسيت ذكروك وإن غبت عنهم حفظوك ، ( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعدُ عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا )
... اللهم إنا نسألك الثبات على الدين والحق
... تحياتى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق