أحبك رغم الحرائق
إفرحي وارقصي
واكشفي صدرك للعاشقين
فأنا مثلك الآن أعرفُ الفرق
ما بين الفرح والهمجية
مهما كنت حزين.
فيا ربُّ امسح عنهم حزني
وهيِّأهم لصباحٍ جميل .
واجعل للشمسِ لوناُ
بلون جسدٍ مزَّقتهُ السكاكين .
هذا الذي يسمى وطناً عربياً
أضحى وطن القاتلين .
وعلى الأرض مشى ملك صهيون
يحملُ نفاياته ويلقيها على بيوت الصفيح
وعلى أطفالٍ ذُبحوا بين أيدي أمهاتهم
أين لمثل هذه الأوطان من حنين؟
إني أسمع لغةَ التراب تبكي
وكان أطفال الفقراء ينزفون
يا لهذا الوطن اللعين .
أورقي يا جراح أطفالي
وازهري في أجسادهم وابتهجي
فهم الآن عرفوا أنهم وحدهم
وليس غير الله من معين .
ها قد أوقدت قناديل عشقي
وقعدتُ مع غدَّارين أصادقهم
وأبحرتُ في مياههم
وكانوا يخذلون قاربي
لكم كانوا متخاذلين !
وحين غرِقَت فوانيسَ قلبي
كنتُ أبكي ....
ولستُ أبكي أمام الناس
أخاف أن يخذلوا بكائي .
علَّمتني القذيفةُ أن أمسح
بشظاياها دم أصدقائي.
وعلمني الدم أن يكون نهراً
وعلمني الموتُ أن أعشقَ أحلامي
وأن العشق يولد من بلائي .
غداً سأرحلُ مع الرملِ فاحذرني
مزّق جسدها ، أسحبها من جدائلها
فقد خرجت فلسطين بغيَّة ليلٍ مسلَّحةً
وأشهدُ بأن كلَّ النساء
في هذا الليل نسائي.
صبغَت على وجهها بلون القذائف
وتكلمت بكل الطلقاتِ
وأشهدُ بأن كلَّ الأزقَّة
راودتها عن نفسها وتحرَّشت بها
ليس بيدها الآن سوى قنديلٍ صغير
وهي تعاني طلقَ الولادة
فقد زنا بها أهلها قاطبةً
خلف أبواب السفارات
وألقوا بها خلف الأبواب
خجلاً من هذا الاغتصاب الأخير .
ليس لها سوى هذا القنديل الصغير
وهي تعاني الطَّلقَ
تُعلنُ ولادة ألف ألف شهيد .
أبا الأنبياء ، راقب بنيك
فما من نبيٍ جاء إلا وبه يكذِّبون
هو الحب يا إبراهيم
هو الحب يا يعقوب
هو الصبر يا أيوب .
وآهٍ من لظى الحب في البلاد العربية
آهٍ من الحبِّ في هذه الحضارة الجاهلية.
حطموا رقماً عظيماً في الحبِّ
وباسم الحب قدَّموا قرابيناً
من دماء ألف شهيد وشهيد .
أيها المحبين لشدة حبكم
هاجرت أحياءٌ من أماكنها
وامرأة تمسحُ دمعها
بصراخ طفلٍ يعتب على الليلِ
كيف لا يسترُ أمَّهُ المستباحة؟
كنت أغفو وأحلم صحواً بطفلٍ
يرغب بقطرة حليب
بطفلٍ يرغب بغفوةٍ على صدرِ أمهِ
بدون جراحٍ ، بدون نزيف .
كانت لهم قصة أثمرَت اليوم
صار بلون الدم أنيني
وبالملاحم طرَّزتُ ثيابي
فاغسلوا آثامكم عني
وانتظروا، انتظروا.
فسهر الليل ليس طويل .
غداً طوفانٌ سيأتي ونُزهرُ ثانيةً
ونرجعُ كلما رجع الماءُ
وفاض النهر الجليل.
أحبك رغمَ الحرائق
والقصف والذبح والقهر والسلخِ
فخذيني إليكِ وطناً
أنا لستُ الغريب .
اصحو على ليلٍ بغير نجوم
وعلى فراشٍ بلا جسدٍ
إن حبي وعشقي أعطياني الحقَّ
بأن أغنِّي للحبيب .
هذي ساعات القيامة
فالليل قمرٌ والقمرُ ليلٌ
والطوفانُ بحرٌ والبحر طوفانُ
فما من شيءٍ غريب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق