كن نبراسا يضيئ عتمة الغير.
كن بين الحشد والجمع، ضوء، كن ذاك النور و الأمل بالرغم من الوجع و الألم، اخرج على غير العادة من تلك القوقعة، وكن دوما من يضيئ الغير، قد يراك الغير سوى غريب يعيش وسط غربة، فيحطمون فيك كل شيئ، يطفؤون وهجك، فاعبر بوجودك وحضورك لمكان آمن ينقد شتات الفكر و الروح، إن الغياب سوط يجلد ذاك الشرط من شروط التعاقد بين قارئ و كاتب، على غير العادة خطر ببالي هذا، كيف أكون موجودا حتى أضيئ الغير؟ قد لا أصبو إلى الادعاء الزائف، أنني أحذث الجميع، و أكتب للجميع، قدر ما هي فكرة خالجت تفكيري وفكري، أردت أن أتقاسمها مع من مر بمحطة توقف.
فإن رست على انطباع شخصي لا أكثر، إن الظاهر والملحوظ ، وجودي وجودك وجودنا، أو غياب الوجه الوجودي لنا ولك ولي، لا أدعي و أعني بذلك أنه ليس لنا ولك ولي وجود في الأصل، لكن بمعنى أصح الوجود في الحركة و الساحة الأدبية، بزمان أو مكان، بين الحشد و الجمع، نسلك و تسلك وأسلك به، ويفضي بنا وبك وبي ،إلى الكتابة أو المشاركة أو القراءة، نقاشا تحليلا، حتى إن كان هذا الوجود لا يستوي و متقطع، متدبدب أو سائر ظاهر كلي، فهو ينطلق وينطبق علينا وعليك وعلي، لأن الاكراهات و الإرهاصات، قد تتحكم في الزمن و المكان، كما هو الشأن في التأثيرات النفسية و الجسدية، وهنا الذي أود أن أعنيه هو واقعية الوجود المادي الملموس، إحساسا مشاعرا كيانا وجدانا، كلاما حتى صمتا لإدراك المفهوم و المغزى و المعنى من هذا الوجود، حتى يضيئ ونضيئ الغير، ممن حولنا ومعنا.
إن البديهي أن أكون موجودا حاضرا ، لكن نظريا بلا فائدة بلا منفعة بلا كيان و وجدان، فصخر جامد، و إن لزم الأمر فدلو فارغ، سلبي لا فائدة مني إطلاقا، لأن قاربي رسى بشط عنوانه (أنا مستهلك)، أو لنقول أنا دابة الأرض،بمفهوم مجازي آكل أشرب أنام، واستثناء عملي في فترة معينة، ثلاثية النمطية في الأسلوب غير المجدد، ولا المبدع ولا حتى المتطوع في قرارة النفس كي أنتج، لا أناضل لا أكافح ، لا أتعلم لا أقرأ، لا أدرس، سلبية في الوجود المطلق ، راض بجهل و قانع و خانع، مستسلم لواقعي، شخصية تصل حذ المستتر، الغائب في طبيعة الحشد و الجمع، بلا تأثير بلا كلمة بلا معنى، فأي وجود ؟! و أي حضور ؟! هذا بلا مضمونه بالوجه العام.
كل الذوات تتكامل تنسجم، تتناغم تتوافق، و في البعض تتعارض برؤى و فكر ، برأي و رأي آخر، بفكر و فكر آخر، حتى في ذاك النقاش الحاد و النقد اللاذع، هو وجود مثري و مفيد و نافع، وهذا الذي يرتدي دوما لباس الإحترام وعدم المساس بالكرامة، ولا ينزل إلى الدونية و الخسة، و الدناءة و الندالة، فإن كان الوجود و الحضور دوما ما يثير الجدل عند البعض، ونرى ذلك الإصرار على الصواب من طرف الواحد، بالدفاع عن الرأي و وجهة الرأي، فهذا لا يلزم الموجود أن يرتقي إلى أنانية نرجسية، لترسيخ مبدأ إقصاء الغير، مبدأ أنا الصح و أنت الخطأ، انا ذو الرأي الصائب إن خالفتني أو عارصتني في الرأي، و تزيد الطين بلة حين تسيل و توجه أصابع الإتهام المطلق أنا و لا أحد غيري موجود، نفي قاطع هو تعبير خاص به للإقناع حتمي و جازم ، لا عزيزي فالأحرى بوجودك أن تضيئ الغير ، ويضيئ من حولك و غيرك، لا بهذا المنظور التخلفي و التعنتي، و الجدير هو أن نتناقش نتحاور نحلل نقبل و نتقبل و نرفض، لترسيخ مبدأ الإحترام في القائم الأول، مهما اختلف الرأي و الرأي الآخر، فالود واجب، فنطقة النهاية تكمن بوجودك وجودنا وجودي، بنتيجة الأخذ بالمنطق و الصواب، لتصحيح الأخطاء ، فالكمال لله وحده، وما أوتينا من العلم إلا قليلا، تصحيح النقص و النقصان، بالمستوى المنشود و المطلوب.
إن كان الأسلوب غالبا حكرا على ذاك الكاتب أو هذا، في صقله في تجديده في بلوته، في إجتهاده للرقي بوجوده و منتوجه، فهو بدرة منه يرويها كي تزهر فاكهة جميلة الشكل، لذيذه الذوق. حتى و إن لم ترقى و تروق كل الأذواق، لأن مرجعية الإختلاف بالجزم المطلق هنا وارد، و هو أيضا نادر ما يوفق فيه الكل أو البعض بهدا الوجود لكن في الأخير الهدف المنشود هو أن تكون نبراسا تنير عتمة الغير، و هذا ما يؤذي إلى وظيفة التبصر ذات القيمة الحقيقية للوجود و الموجود، فعلى غير العادة كانت مجرد محطة توقف...
كن نبراسا تنير عتمة الغير.
أبو سلمى
مصطفى حدادي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق