الشاعر الدكتور جهاد صباهي
يُحيطُ بكَ السوادُ
لا أرى إلا عينيكَ وخوفي
وإصبعاً على الزنادِ
أهي صدفةٌ أن التقينا
وصوتُ الرصاصِ يصنعُ جداراً بيننا
أهي صدفةٌ أن التقينا
وأرضُ أجدادِكَ هي حلمنا
تلفُ أصفادَكَ حولَ خصرِي
تسوقٌني إلى أماكنَ تُرعبُني
أماكنَ يؤثثُها البسطاءُ من غبارِ الحروب
تقولُ : اقتربي
تفوحُ منكِ رائحةٌ من طينِ بلادي
وددتُ لو أقطفَ الورودَ على شفتيكِ
زرعتْها منذُ مئةِ عامٍ أمي
وددتُ لو أسكنَ قلبَكَ
هو بيتي
بناهُ وأنا صغيرٌ جَدّي
وددتُ لو أسندَ رأسي على صدرِكِ
أسمعُ نبضَ جنوني
وبقايا طفولتي
أنتِ اليومَ رهينتي
سأكسرُ قيدَكِ
أُحررُكِ
لتعودي إلى بيتِكِ
كان بالأمسِ بيتي
نسيتُ تحتَ وسادَتِكِ رسالتي
كنتُ قد كتبتُها إلى حبيبتي ( فالنتينا )
فيها قُبلاتٌ كثيرة
فيها أحلامٌ كبيرة
فيها وعودٌ بأوطان
فيها مجازرٌ فيها محافلٌ
فيها تاريخُ ولادتي
واسمُ مدرسَتي
وصوتُ معلمتي
تصرُخُ بنا لا ترحلوا
لكننا رحلنا
فالسريرُ لا يتسعُ لاثنين
والوسادةُ لا تجمعُ بينَ غريبين
وجدُّكِ لم يعترف بجدي
دمّرَ بيتَهُ
وأحرقَ زرعَهُ
دفنَ في ساحةِ الدارِ أحلامَهُ
دفنَ معها جدتي
وكوفيةُ أبي
باي مايا
سأكسرُ قيدَكِ
أحرركِ
لتعودي إلى بيتِكِ
كان بالأمسِ بيتي
ولكن لا تنسي أن تحفري في ساحةِ الدارِ حفرةً
عمقُها خمسةٌ وسبعونَ عاماً
ستجدينَ عندها قصتي
ستعرفينَ لماذا أنتِ اليومَ رهينتي
لا تحزني مايا
دعي التاريخَ مرسوماً على وجهِكِ الجميل
سيري في الأحمرِ المشاعِ من دمِ الأبرياء
لا تكترثي لهدير المدافعِ والطائرات
هم أهلُكِ
يدفنونَ في باطنِ الأرضِ أجسادَنا
ستنبتُ غداً أزاهيرُ الفرحِ الموؤدةِ
حينها سآتي إليكِ
أنظرُ إلى عينيكِ
ألمسُ حمرةَ شفتيكِ
أكتبُ على وجنتيكِ
أريدُكِ أن تكوني حبيبتي
ننامُ معاً على وسادةٍ واحدة
فيها رائحةُ ( فالنتينا )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق