يَفـردُ الليلُ جناحهُ
يأسرُ الأفقْ..
تُطاردُ جحافلهُ النورْ...
تَذبلُ عيونُ البنفسجْ...
تنكسرُ هيبةُ الضوءْ
يُخفي عجزهُ المكتوبْ
على لوح القدرْ...
يلوذُ في صدري
يقاسمني خبزَ اليقينْ...
يُخاطرُ قلبي
يَشكو إليهِ عناءهُ الطويلْ
يهتاجُ نبضي
بأهٍ تهزُ الصميمْ...
*******
آهٍ لو كنتُ قمراً
لأرسلتُ عسَسَ الطيوفْ
في حجبِ الظلامْ
لأضيءَ عتمةَ القلوبْ...
كمشكاةٍ في حجرِ الغسقْ
تنيرُ دروبَ العيونِ الحيارى...
أرسمُ البسمةَ كنبراسٍ
على ثغرِ الطفولةْ
أعبرُ أصقاعَ الأرضْ
أُزيلُ حدودَ الطغيانْ...
فالقمرُ لايؤمنُ بحدودِ القهرْ
ولا يعترفُ بجدرانِ الفصلْ
يقطعُ الأسلاكَ الشائكةَ
دونَ جوازِ عبورْ... ********
آهٍ لو كنتُ فجراً
لخلعتُ عباءةَ الليلْ
وذوَّبتُ الدهماءَ
كقطعةِ سكرْ
في كؤوسِ الزنابقْ...
لأسقي الأرضَ
رحيقَ الخمائلْ
وأروي السهولَ العِطاشْ
على سفوحِ التلالْ...
أهزمُ الخرافةَ والأساطيرْ
بجولةٍ وحيدةٍ أكسبُ النزالْ... ********
آهٍ لو كنتُ شمساً
لوقفتُ في مداري
مستمتعاً بثورةِ
السعيرِ في ذاتي
أبثُ الدفءَ في مراجلِ الشغفْ...
كشمعةٍ تجودُ بنفسها
تنيرُ غُرفَ العشاقْ
ومِحرابَ القداسةْ
تغرَّبَ الصدقُ وارتحلْ...
أصبحتْ الحقيقةُ أرملةً
تستغيثُ بوجهِ الشمسْ
كالأفقِ تنتظرُ الشروقْ
ليحطمَ قيودَ الغموضْ...
وعندَ الغروبْ
يداعبُ حُمرةَ الشفقْ...
أعقدُ طقوسَ العمادةَ
في بحرٍ يرقصُ به السكونْ... *******
آه لو كنتُ بحراً
لمحيتُ من القواميسْ
سمعةَ الغدرْ
وأبقيتُ سِمةَ الجمالْ...
لأمرتُ الأمواجَ أن ترحمَ
المعذبينَ
على قواربِ الموتْ
متعقبينَ بصيصَ أملْ... ********
آه لو كنتُ ريحاً
كنتُ حملتُ
رذاذَ الشوقِ لأحبتي
وقُدتُ شراعَ الحنينْ
إلى المتلهفينْ...
كنتُ حزمتُ أمتعةَ الغرامْ
على متونِ الغمامْ...
وعصرتُ بقبضةِ الرجاءِ
مطراً لأُطفئَ بهِ نارَ الحربِ
وأذرو الرمادَ
في عيونِ الحارقينْ...
وأنثرُ الحبَّ
فوقَ ربوعِ أسلافي... ********
آهٍ لو كنتُ عصفوراً
لأنشَّدتُ لوطني
إنشودةَ السلامْ...
ونظمتُ تغاريدَ الصباحْ
أملاً يتوقُ إلى الأمانْ...
لأكلتُ القمحَ
من راحةِ السنابلْ
وشربتُ الطَّلَ
من عيونِ الفجرْ
وسكرتُ من نبيذِ العنبْ... ********************
همسات من الذات
أبو الفداء
محمد قرموشة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق