بقلمى : د/علوى القاضى.
... قالت فى دعواها { حبه خنقنى وارغب فى بعض القسوة }
... هذه الزوجة لها كامل الحق في رفع دعواها للخلع من زوجها ، لماذا ؟! ، لأن :
... هذه الدعوي تتفق وفطرتها ، والإسلام دين الفطرة ، هل إذا ترك الزوج لزوجته الحرية كاملة ولبى لها كل رغباتها ستكون سعيدة بذلك ؟! ، أقول من وجهة نظر علم النفس الإنسانيه : طبعا لا ! ، حتي لو سعدت هى بذلك مدة من الزمن فإنها سرعان ماستمل من ذلك وتزدري زوجها وتنظر إليه على أنه ليس رجلا " حتى وإن لم تظهر ذلك أمام الناس " ، فهذا المعنى سيتأصل في قرارة نفسها وسيكون سببًا لكثير من المشكلات
... وماذلك إلا لأن الله تعالى فطر المرأة على أن يكون لها رجل قيمٌ يمارس حق القوامة عليها فيكون لها مصدرا للسند والحماية والقوة
... الكل رفض هذا التصرف منها واعتبره كذا و ، و ، و
... هذه الدعوي وإن كانت في ظاهرها تدعو إلى السخرية والضحك وتذكر على إنها طرفة ، إلا أن تصرف المرأة صاحبة دعوى الخلع يعد تصرفًا صحيحًا ، وحجتها التي بررت بها دعواها كلام حقيقي من وجهة نظري لأنها تتفق ومبادئ علم النفس والفطرة السليمة للمرأة ، فهي تحتاج دائما بفطرتها للرجل القوام عليها ، فلاتظلموها !؛
... على الجانب الٱخر نجد من يفهم القوامة خطأ ويفضل لممارسة القوامة ، أن يصل الأمر بالرجل لقهر المرأة بدءا بالضرب والتعنيف اللفظى حتى أعلى درجات التعذيب الجسدى وهو يعتقد أن فى ذلك إثبات لرجولته وقوامته
... وللأسف فإن بعضهم يحاول أن يستشهد بٱية ( الضرب ) فى القرٱن الكريم لتبرير سلوكه العدوانى ويستغلها على غير ماذكرت من أجله ، والقرٱن برئ منه براءة الذئب من دم بن يعقوب
... لذلك أخى الكريم يلزمك أن تعرف التفسير الصحيح " وأضربوهن " !
... معنى رائع كنت أبحث عنه للرد على الملحدين الذين يصورون للعالم أن الإسلام دين عدوانى ولايحترم ٱدمية وإنسانية البشر ويأمر المسلمين بضرب نسائهم
... فالمعنى مختلفا تماماً عما فسروا وفسره بعض المتمسلمين للأسف
... وخلاصة بحثى وتدقيقى أسوق إليكم المعنى الحقيقي والمنطقي : ماهو المقصود بكلمة "واضربوهن" في القرآن الكريم ؟! , سوف نندهش من الإجابة
... مبدأيا لايمكن أن يُتصوَّر أن الله يأمر بضرب شريكة الحياة بمعنى " الجلد "
... وهذا التفسِّير يتعقب كلمة (ضرب) في القرآن ليأتي بمعنى جديد فقد كنتُ على يقين أن ضرب النساء المذكور في القرآن لايمكن أن يعني الضرب بالمعنى والمفهوم العامّي ( الإيذاء البدنى ) ، لأنّ دينناً الإسلامى بهذه الرِّفعة والرُّقي والعظمة ، والذي يأمرنا بالرفق بالحيوان ولايسمح بإيذاء قطة ، فلايمكن أن يسمح بضرب وإيذاء وإهانة الجدة والأم والأخت والزوجة والإبنة والخالة والعمة والحفيدة
... ويتابع التفسِّير : المعنى الرائع لكلمة ( فاضربوهن ) في القرآن ويفسّرها ليس كما يفسرها الآخرون ، ماذا تقول الآية ؟! { وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَتَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً } ، من خلال المعرفة البسيطة في اللغة العربية وتطوّرها وتفسيرها فإن العقوبة للمرأة الناشز أي المخالفة نراه في هذه الآية عقوبة تواترية تصاعدية :
... بالبداية تكون " بالوعظ والكلام الحسن والنصح والإرشاد " ، فإن لم تستجيب ، فيكون الهجر في المضاجع أي في أسرّة النوم وهي طريقة العلاج الثانية ، ولها دلالتها النفسية والتربوية على المرأة ، والهجر هنا في داخل الغرفة
... أما ( واضربوهن ) فهي ليست بالمدلول الفعلي للضرب باليد أو العصا ، لأن الضرب هنا هو المباعدة أوالإبتعاد خارج بيت الزوجية
... ولماكانت معاني ألفاظ القرآن تُستخلص من القرآن نفسه ، فقد تتبعت معاني كلمة ( ضرب ) في الٱيات وفي صحيح لغة العرب ، وجدت أنها تعني في غالبها المفارقة والمباعدة والإنفصال والتجاهل ، خلافاً للمعنى المتداول الآن لكلمة ( ضرب )
... فمثلا الضرب بإستعمال عصا يستخدم له لفظ ( جلد ) ، والضرب على الوجه يستخدم له لفظ ( لطم ) ، والضرب على القفا ( صفع ) ، والضرب بقبضة اليد ( وكز ) ، والضرب بالقدم ( ركل ) ولم يذكر أى لفظ من ذلك فى ٱية النشوذ
... وفي المعاجم وكتب اللغة والنحو لوتابعنا كلمة ضرب لنرى مثلاً في قول : ( ضرب الدهر بين القوم ) أي فرّق وباعد بينهم ، و ( ضرب عليه الحصار ) أي عزله عن محيطه ، و ( ضرب عنقه ) أي فصلها عن جسده
... فالضرب إذن يفيد المباعدة والإنفصال والتجاهل وهذا هو الأقرب للتفسير فى ٱية النشوذ
... وهنالك آيات كثيرة في القرآن تتابع نفس المعنى للضرب أي المباعدة : { وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لَّا تَخَافُ دَرَكاً وَلَا تَخْشَى } ، أي أفرق لهم بين الماء طريقاً ، { فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ } ، أي باعد بين جانبي الماء ، { لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ } ، أي مباعدة وسفر وهجرة إلى أرض الله الواسعة ، { وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ } ، أي يسافرون ويبتعدون عن ديارهم طلباً للرزق ، { فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ } ، أي فصل بينهم بسور
... ويُقال في الأمثال (ضرب به عُرض الحائط) أي أهمله وأعرض عنه ، وذلك المعنى الأخير هو المقصود في الآية
... أما تفسير الآية التي تحض على ضرب الزوجة { فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ } : فالآية تحض على الوعظ ، ثم الهجر في المضجع ، والإعتزال في الفراش ، أي لايجمع بين الزوجين فراش واحد ، وإن لم يُجْدِ فى ذلك نفعا ، فهنا ( الضرب ) بمعنى المباعدة والهجران والتجاهل ، وهو أمر يأخذ به العقلاء من المسلمين وهو الأقرب إلى التفسير الصحيح
... وأعتقد أنه سلاح للزوج والزوجة معاً في تقويم النفس والأسرة والتخلص من بعض العادات السيئة التي تهدد كيان الأسرة فهي الأساس المتين لبناء المجتمع الإسلامي والإنساني
... وفى هذا السياق لدينا كلمات نمارسها ايضا ك ( أضرب ) عن الطعام أى امتنع عنه وتركه ، والإضرابات فى الجامعات أوالعمل مثلا فكل معناها هى ترك العمل أو الدراسة أوإهمالهما
... أيها الأحباب إستوصوا بالنساء خيرا وخير الأمور أوساطها فلا إفراط فى الحب ولاتفريط فى القوامه فتحلوا بالأخلاق الإسلامية في معاملة الزوجة كن لها زوجا وأبا وأخا وحبيبا وصديقا وإبنا
... أخي العزيز لاتذكر عيوب زوجتك لأهلك أوأصدقاءك أوأيا ماكان ، ولاتجرح مشاعر زوجتك بأي عيب من عيوبها حتي لاتفقدها ثقتها بنفسها ، ولاتحرمها من زيارة اَهلها
، ولاتحرمها من التنزه من آن لآخر بصحبتك ، ولاتكن معها بخيل أكرمها يكرمك الرحمن
، ولاتكن شديدا معها فهي خلقت من إحدي أضلعك ، ولاتغضب وتثور عندما تواجهكما مشكلة بل اهدأ ، وخذ الأمر بحكمة الأب ، وعالجه ، ولاتغلق أذنيك عندما تحكي لك أمورا من وجهة نظرها تراها مهمه ، واحتويها ولاتتركها عندما تجدها حزينه ، بل كن لها الصدر ألحاني والحبيب والصديق والأخ والأب ، ولاتعاتبها وقت الخطأ بل بعد أن تهدأ عاتبها برفق ولين ، ولاتنسي أن جعل بينكم مودة ورحمه ولاتفرض عليها أي شيء تكرهه فماخلقت للذل والإهانة ، ولاتلزمها بأي أعمال لأهلك إلا اذا هي قدمت ذلك بحب فهى شرعا غير ملزمة إلابك وبأولادكم ، ولاتستمع لأحد يحاول التخريب بينكما كن حذّرا ، ولاتظلمها كن عادلا معها ، وكذلك مع أمك وأختك وإبنتك أعط كل ذي حق حقه دون أن توقع الظلم علي الطرف الٱخر فتظلم نفسك ، ولاتتصرف فى أمور حياتك معها دون المشورة ، قد يكون رأيها أصوب ، ولاتحرم نفسك وأهل بيتك من عظيم الأجر وهي الصلاة حتي ولوبركعتين قيام الليل فلهما سر عجيب في سعادتكما
... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( استوصوا بالنساء خيرا ) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق