(سارعوا الى مغفرة من ربكم وجنات عرضها السموات والارض )، ترددت هذه الآية على أمواج الإذاعة بصوت شجي، وبعدها (صدق الله العظيم ).
انتبهت لحالها وهي في سيارة أجرة... انكمشت في مقعدها، وصوت داخلي يردد (جنات كعرض السموات والارض)؟!تساءلت :
- هل ستكون الجنة نصيبي أم لا؟ هل سأشم رائحتها؟ هل سينبثق نور بداخلي؟
وأرى بأم عيني إشراقة فجر يومٍ مشهود؟ تنهدت بعمق... اختنق صوتها... اغرورقت عيناها بالدموع، انهمرت على خديها المتوردين، سألها أحد الركاب:
- مابك أنستي؟ هل انت مريضة ؟ كيف لي أن أساعدك؟
أومأت له برأسها وقالت:
- انا بخير سيدي الفاضل.
عادت لشرودها، حوارها مع نفسها، تساءلت مرة اخرى:
- هل سيغفر الله لي ذنوبي في هذا الشهر الفضيل؟
هل سيقبل توبتي؟ جلست القرفصاء، قالت للسائق:
- خذني الى أقرب مسجد، أريد أن أصلي، أبكي بين يدي ربي، أريد ان أعلن توبتي، هل سيتقبلها ربي؟ هل سأرى جنة عرضها السموات والارض؟ اجهشت بالبكاء، بعدها أن توقفت عن الكلام.
- بنيتي... الله غفور رحيم، هوني على نفسك، مازلت صغيرة السن، أقبلي على الله، وستجدين الراحة والأمان
- سيدي... أنت لا تعلم ذنوبي إنها عظيمة عظيمة جداً... قاطعها قائلاً:
- وصلنا للمسجد، تفضلي.
نزلت من السيارة، حثّتِ الخطى نحو بيت الله، نادها السائق:
- سأنتظرك هنا حتى انتهاء الصلاة.
رفعت يدها إشارة بالموافقة.
أكملت صلاتها بخشوع وبكاء، جلست في الصف الأول، متوجهة بقلبها وكيانها للخالق، باحت لله بكل همومها، وأحزانها، تذكرت ذنوبها، بكت راجية مغفرته ورحمته، مع كل آية تقرؤها تشعر (دنيا) أنها تتطهّر وتسمو روحها الى السماء، ومع كل دمعة تنزل تتقرب إلى الله أكثر.
عادت ركبت السيارة وقالت:
- لطفا خذني لحي(تاراست)
- أأنت بخير الآن؟
- الحمد لله بأفضل حال شكراً جزيلا لك ياعماه.
عادت لغرفتها التي استأجرتها، من جيرانها، بعد وفاة وَالدَيْها وتنكُّر أقاربها لها،استلقت على فراشها...نامت بعمق، كأنها لم تنم مدة طويلة،اسيقظت على آذان الفجر ... رأت نوراً واشراقة انتظرتها لسنوات طوال، صلت هذه المرة في خشوع، قرات آيات من كتاب الله تعالى... كتبت على هاتفها رسالة قصيرة ( مرحبا سامي أرجو أن تكون بألف خير، اكيد أرسلت لي الكثير من الرسائل على الواتساب، هيا قم توضأ وصل وعد لله، أدعوه أن يسامحنا ويغفر لنا، وإذا أردتني معك تعرف الطريق جيداً...الى اللقاء).
أقفلت الهاتف...عادت لفراشها، صبيحة اليوم التالي، لاحظ جيرانها نوراً يخرج من غرفتها ورائحة زكية تملأ المكان، طرقوا الباب... وجدوه مفتوحاً... دخلوا... وجدوها مستلقية في ثياب بيضاء كأنها عروس ستزف لعريسها، جمال ونور يعلو محياها، اقتربوا منها تاكدوا أنها رحلت لدار البقاء، بكوْها حزناً وحسرة، كانت فتاة طيبة جداً تحب الناس وتحب الخير.
بقلم
فوزية الخطاب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق