الأحد، 9 يونيو 2024

الجزء الجميل بقلم فتيحة المسعودي

الجزء الجميل 

في ليلة من آواخر ليالي الصيف ، كان الجو رائعا .
جميلة هي السماء .. النجوم والقمر .. كل الكواكب الجميلة هناك من بعيد تبدو بأنوارها المتلئلئة .
موسيقى هادئة.. فنجان قهوة دون سكر .. مزهرية زجاجية من النوع الرفيع ، رتبت ورودها بفن وإتقان ؛؛ هناك في شرفتي التي تطل على البحر ؛؛ استلقيت على سرير التشمس الخاص بالشرفة ، مع صوت تلاطم الأمواج ، وهدير المياه الذي يحدث لحنا جميلا ،غفوت للحظة ، فإذا بي استيقظ على صوت زائر قديم !!.. 
لم أراه منذ عدة أعوام تفاجئت لرؤيته واقفا أمامي ينظر الي بنظرات غريبة، وفي عينه حزن دفين ، بين الفرحة والدهشة ؛ قفزت من مكاني بسرعة وأنا أحاول استقباله بالحجم الذي يليق به .
سلمت القلوب قبل الأيادي ، كان لقاء غريب ، تجلت فيه كل حكايات الماضي !.
أحضرت لضيفي كرسيا متأرجح .. وقدمت له فنجان قهوة .. ارتشفنا الفنجانين ونحن نتأمل الأفق ، مع صمت طويل !!،، في لحظة فاجأني ضيفي وهو يقطع صمتنا على إثر قصة قديمة !! ما إن بدأ يقصها حتى نطقت بسرعة البديهة!، وبدأت أسابقه في روائها، قص ضيفي جملة .. قصصت عليه جملتين ..ذكرني بسطر .. ذكرته بسطرين ..كنا جد منسجمين في التناوب على رواء أحداثها الممتعة، وبعد لحظات وصلنا الى جزء جميل ، كان من أجمل أجزائها ، لشدة جماله وروعته ذكرني بالقمر .. والنجوم .. والسماء ..وكل الكواكب الجميلة التي تشبهه !!!!.
رفعت رأسي للسماء لأشاركها جزئي الجميل ، أصابتني حينها خيبة أمل، لسبب إختفاء كل النجوم الجميلة والقمر !،لم يعد في السماء غير خيوط ذهبية مسترسلة من بعيد .. وأنا في لحظة ذهول !! نظرت إلى زائري لعله على علم بما حصل في السماء !! ولعله يخبرني أين إختفت النجوم والقمر!!.
ذعرت وازداد ذهولي فجأة عندما لم أجد مكان الزائر غير الكرسي المتأرجح وهو يتحرك ببطئ شديد !!..
إنتابني شعور رهيب وأنا أحاول تكرار البحث بأعيني في كل أنحاء السماء .. وبعدها حولت نظري عدة مرات الى الكرسي المتحرك ، حيث كان زائري جالسا يتأرجح مع موسيقى هدير البحر .. ومنظر القمر والنجوم .. وصوت روائنا لقصة باهرة ،، 
يا الهي !! ماذا حصل ؟؟، كل الأشياء الجميلة قد اختفت في رمشة عين !!،، لماذا ؟؟ وماذا يحصل ؟؟..
أصابني خوف رهيب !! فصرخت صرخة قوية !!؛؛ إستيقظت على إثرها لأجد نفسي على حافة سريري موشكة على السقوط !.
نظرت الى نافذتي فإذا بأشعة الشمس الذهبية تدعوني للنهوض .
جلست لوهلة ، وأنا أحاول إسترجاع ذاكرتي للأمس ،، فعلا حصل : 
واسترجعت كل جملة .. وكل كلمة .. كل حرف .. كل نقطة وفاصلة .. ما عدا الجزء الجميل !! لم يكن بإستطعاتها تسجيله ! .. في الأثناء بالضبط كانت منشغلة في البحث عن القمر والنجوم ،، وعلى الزائر الذي إختفى فجأة..
شعرت بالأسى على ضياع الجزء الجميل من ذاكرتي ؛؛ رفعت يدي أدعو الله أملا أن يعيده الي لأنعم بجماله وروعته !.
خرجت من سهوتي على صوت يقول : صباح الخير عزيزتي،، ما بك ؟؟..
ماذا أصابك ؟؟..
لماذا تصرخين ؟؟..
وجهت نظري ناحية الصوت ، فإذا بي أرى كل أفراد عائلتي الصغيرة تقف أمام باب غرفتي .. ومن بينهم شخص غريب !!!! لم أراه من قبل ، يشبه زائر الأمس بكل تفاصيله !! يحمل في يده اليسرى حقيبة وفي يده اليمنى كتاب كبير بعنوان ( الجزء الجميل )

فتيحة المسعودي 
المغرب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

الشعوب النائمة والشعوب المخدَّرة بقلم وديع القس

(( الشعوب النائمة والشعوب المخدَّرة )) ..!!.؟ في الشرق وفي الغرب / عذرا ً لكمْ سيّداتي سادتي النّجبَا ولا اعتذارَاً لمَن لا يملكُ النّسبَا /...