بقلم فدوى كدور
كُنتُ صَغِيرَةً...
وَكُنْتُ سَاذَجَةً....
حَسِبتُ ٱلنُّجُومَ لَآلِئًا
كَمْ رَاقَبْتُهَا فِي شَغَفٍ وَلَهْفَةٍ
كَمْ تَوَسَّلْتُ إِلَى ٱلسَّمَاءِ
أَنْ تُسْقِطَ وَاحِدَةً
كَانَ حُلُمِي يَا أُمِّي
أَنْ أُهْدِيَكِ نَجْمَةً
لِتَتَبَاهَيْنَ بِهَا
لِتُنِيرَ دُرُوبَكِ ٱلْعَتِمَةَ
كَمْ هَمَمْتُ أَنْ أَقْطِفَ لَكِ وَرْدَةً
لِأزيِّنَ بِهَا خَصَلَاتِكِ ٱلْمُبَعْثَرَةِ
لِأَنْثُرَ عَلَى شَعْرَكِ ٱلْحَالِكِ عِطْرًا
لَكِنَّنِي خَشِيتُ يَا أُمِّي
أَنْ يَغْضَبَ مِنِّي ٱلرَّبِيعُ
خَشِيتُ أَنْ أَخْذُلَكِ
حِينَ يَقُولُ عَنِ ٱبْنَتِكِ سَارِقَةً
كَمْ نَظَرْتُ إِلَيْكِ خِلْسَةً
مِنْ خَلْفِ ٱلسَّتَائِرِ
وَأَنَا أُشَاهِدُكِ تَغْزُلِينَ بِأَمَلٍ
خُيُوطَ ٱلأَيَّامِ ٱلْبَاهِتَةِ
بِيَدِكِ ٱلْخَشِنَةِ ٱلْمُتَوَرِّمَةِ
كَمْ تَعَجَّبْتُ مِنْكِ
كَيفَ تَصْنَعِينَ مِنَ ٱلْبُؤْسِ
ٱلْجَمَالَ وَٱلْبَهْجَةَ وَٱلْغِبْطَةَ!
كَمْ تَمَنَّيْتُ يا أمِّي حينَهَا حُضْنًا
وَكَمْ اِحْتَجْتُ غَمْرَةً وَقْتَهَا وَدِفْئًا
لَكْنَّنِي كُنْتُ خَجُولَةً
وَكُنْتِ يَا أُمِّي عَنِّي مَشْغُولَةً
كَمْ بَحْثْتُ فِي ٱلدَّكَاكِينِ
لِأَقْتَنِيَ لَكِ اِبْتِسَامَةً
لِأَرْسُمَهَا عَلَى مُحَياكِ ٱلشَّاحِبِ
لِأُزِيحَ عَنْكِ ٱلْحُزْنَ وَٱلْيَأْسَ
كَمْ جُلْتُ فِي ٱلدُّرُوبِ
فِي ٱلأَحْيَاءِ...فِي ٱلأَزِّقَةِ
لِأَحْمِلَ إِلَيْكِ ظِلَ فَرْحَةٍ
للاسف لَمْ أَجِدُهُ
قُلْتُ لَرُبَّمَا مَدِينَتُنَا
لَا تَبِيعُ ٱلْسَعَادةَ
هَاجَرْتُ وَقَصَدْتُ أخْرَى
ظَنَنْتُ مِنْ هُنَاكَ
أَجْلِبُ كُلَّ مَا أَتَمَنَّى
كَبِرْتُ يَا أُمِّي ..
أَصْبَحْتُ نَاضِجَةً
تَغَيَّرَ حُلُمِي فَجْأَةً
أَصْبَحَ مُجَرَّدَ قُبْلَةٍ
عَلَى جَبِينِكِ
وَرَشْفَةَ قَهْوَةٍ
مِنْ يَدَيْكِ
قَبْلَ أَنْ أُنْتَهِي مِنْ كِتَابَتِهِ
أذْرَفْتُ دَمعةً
تَلتهَا أخْرَى... وأخرى
اندثرَ ٱلحُلُمُ
اِرْتَعَشَتْ أَطْرَافِي
تَكَسَّرَ فِنْجَانِي
استيقضتُ من نومِي
أدْرَكْتُ أنْهَا أضْغَاثٌ
مِنْ أحلامِ الصِبَا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق