الجمعة، 26 يوليو 2024

ملاك من بين الرماد بقلم عماد سالم ابوالعطا

ملاك من بين الرماد

بين رُكام الماضي وصراخ الحاضر وسراب المُستقبل ولد أطفال اللجوء على أرصفة قاسية حاملين جروح الذاكرة وآلام الحاضر
يبحثون عن بصيص أمل في مُستقبل غامض
مُسحت بيوتهم من الوجود وتناثرت أحلامهم كأوراق الشجر في العاصفة تاركين وراءهم ذكريات مُحطمة وآمالاً ضائعة
من هذا المكان ولدت حكايات تُشرق شمسها على أُفق الأمل
فتنبت براعم حكايات جديدة تُخط على صفحات بيضاء 
ومن بين تلك الحكايات برزت حكاية حنان المرأة القوية والمثابرة التي واجهت صعوبات الحياة بصدر رحب وإصرار لا ينكسر
حنان تلك المُعلمة المُخلصة في رياض الأطفال عاشت حياة كريمة مليئة بالسعادة مع زوجها آدم

حنان حامل في شهرها التاسع تنتظر بفارغ الصبر قدوم مولودها الجديد يملأ قلبها السعادة والترقب
وتستعد بحب لبداية رحلة الأمومة
لكن القدر شاء أن يقلب هذه الحياة رأساً على عقب
في لمح البصر تحولت أحلام حنان وآدم إلى رماد وانهار عالمهما الصغير مع انهيار منزلهما بصاروخ غاشم
لم يترك الصاروخ وراءه سوى حُطاماً يُمزق القلب
وآثاراً لحياة دافئة كانت تنبض بين جدران ذلك البيت 
حنان تصرخ بألم  
آدم ، لا تتركني
لكن لا جواب سوى صمت قاتل
تلمس بطنها بحنان وتتمتم
سأنجب طفلي 
سأعيش من أجله لكن حُزنها لم ينته 
فقد فقدت حنان زوجها آدم الذي لم ينجو من تحت الرُكام 
 تم انتشال حنان من تحت الأنقاض ونُقلت إلى المستشفى حيث كان وضعها صعباً للغاية فى حالة يُرثى لها
سارعت الطواقم الطبية بإنقاذها ونقلها إلى غرفة العمليات

بين جدران غرفة العمليات دارت معركة حاسمة بين حنان والموت
واجه الأطباء تحديات هائلة بسبب حالتها الحرجة
لكنهم لم يستسلموا أدركوا أن رحم حنان يحمل بداخله أمل الحياة فقرروا إجراء عملية جراحية عاجلة لإنقاذ الجنين
استمرت العملية لساعات طويلة تخللها قلق وتوتر 
لكن في النهاية توجت الجهود الطبية بالنجاح حيث تمكن الأطباء من إنقاذ الجنين وإخراجه إلى الحياة
فبينما غابت روح حنان عن عالمنا هبط إلى الحياة طفلها حاملاً معهُ شُعلة الأمل في مُستقبل مُشرق

بدا الجنين ضعيفاً وصغيراً لكنه كان يُصارع من أجل البقاء
أُدخل إلى حاضنة طبية حيث تلقى الرعاية والعناية 

مع مرور الأيام تحسنت حالة الجنين بشكل تدريجي نمت قوته وأصبح أكثر قُدرة على مُقاومة العدوى

ولد ذلك الصبي وفقد أمه في لحظة ميلاده 
لم تُسعفه الحياة ليرى بريق عينيها ولا دفء حضنها
لكنها تركت له أثراً لا يُمحى وصية حملها في قلبه إلى الأبد
أرادت الأم أن تُسمي أبنها مالك
اسم يحمل معنى عظيماً يدُل على القوة والسيطرة
ربما أرادت بذلك أن تُلهم ابنها بأن يكون قوياً وأن يُحقق ما لم تستطع هي تحقيقه
لم تكن ولادة مالك مجرد نهاية سعيدة لمعركة ضد الموت
بل كانت فجراً جديداً يُشرق بالأمل والحب
غابت روح الأم لكن هبط إلى الحياة طفلها حاملاً معهُ شُعلة الأمل في مُستقبل مشرق

عماد سالم ابوالعطا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

إشراقة وجهك بقلم معمر حميد الشرعبي

إشراقة وجهك لوحتي المفضلة لمست فيها عبق ألوان الود وحبر الأناقة في محيا الجلال  كم أنت رائعة كلون شفق يغازل البحر يعزف سيمفونية القرب. سيدتي...