الجمعة، 16 أغسطس 2024

الرويبضة ونظام التفاهة 4

  الرويبضة ونظام التفاهة 4

دراسة وتحليل : د/علوى القاضى

... في الجزء الأول تأكدنا أن التافهين نجحوا في السيطرة علي مفاصل المجتمعات وتحكموا في ثقافة وتفكير البشر لصالح أصحاب رؤوس الأموال ، وفى الجزء الثانى وجدنا ك

يف أن نظام التفاهة سيطر على السياسة والإقتصاد والثقافة والعلم وفى الجزء الثالث رأينا الدراسة التحليلية للكاتب عن التفاهة كيف سادت وٱليات السيادة وصفات التافهين وعواقبها ثم كيفية مقاومتهم والٱن نستكمل

... ويرى بعض النخبة والمفكرين أننا دخلنا زمن التفاهة أونظام التفاهة مع ( الفوضى الخلاقة ) أو ماسمي بثورات الربيع العربي ، عندما تحولت مراكز القوى والنفوذ  السياسية ، ونخب المجتمع  ومثقفيها إلى تفهاء ينادون بالفوضى ، حاملين شعار ( الشعب يريد إسقاط النظام ) ، من أجل الوصول للسلطة بحجة القضاء على فساد النظام الذي هم في حقيقة الأمر  جزء أساسي في تكوينة ، وأثبتت الأحداث أنهم  الفاسدين فية ، فقاموا بصناعة تفهاء يروجون لوجة نظرهم ، وذلك بتسخير وسائل الإعلام المختلفة لهؤلاء التفهاء ، سواء كانوا محللين (سياسيين) ، أوفنانين (مهرجين) ، وتمت شهرتهم فعلا في ذلك الوقت ! والأمثلة كثيرة

... اليوم أنتشر نظام التفاهة كالسرطان على مواقع التواصل الإجتماعي   فمخطط (الفوضى الخلاقة) عالمي ، تم تطبيقه على العرب في 2011 في مرحلتة (الأولى) وسيعمم بالتدريج على كل دولة يقوم التافهين والسفهاء والمترفين فيها بالفوضى ، تحت أي عنوان ( الثوراث أوالترفيه أو الرؤية أو الجمهورية الجديدة ) ، ولو بحثنا سنجد في كل دولة قامت فيها فوضى ، الكثير من أمثال هؤلاء التافهين ، الذين أشتهروا على منصات التواصل الإجتماعي وخاصة على اليوتيوب كمؤثرين في تشكيل الرأي العام ، هؤلاء تمت شهرتهم بفعل فاعل ، وليست صدفة من قبل أسياد العالم !

... في نظام التفاهة ، يبدو أننا نعيش في زمن الإنحطاط الفكري والثقافي ، فأصبحت التفاهة صناعه مقصودة ، تنفق عليها مليارات الدولارات ، لإخراج شخصية تافهة ، لاتملك غير ( سلاسل تطوق الرقبة واليد "حظاظة" ، أو مع قصة شعر نشاز ، أو لباس مقطع يضرب بعرض الحائط أدنى مقومات قيم الأخلاق والثقافة )

... والكاتب يبين كيف أصبحت طبقة التافهين ، هي الطبقة الظاهرة وصاحبة التأثير ، تدعمها قوة المال والإعلام ، ومما يدعونا للأسى والحزن عندما نعلم أن المخرج (مصطفى العقاد) أمضى أكثر من 25 سنة الأخيرة من حياته ، وهو يبحث عن ممول لفيلمه  ( صلاح الدين الأيوبي ) دون جدوى ، بينما يتحصل التافه ( رامز جلال ) على التمويل الضخم وبدون حساب لمدة عشر سنوات ، لتقديم برامج أقل ماتوصف به ( التفاهه الممنهجة ) ، والمشكلة الأكبر أن برنامجه الأكثر مشاهدة على مستوى الوطن العربي ، عندها سنعرف مدى الكارثة الفكرية والثقافية التي تعيشها الأمة بسبب المال الفاسد الذي يعمل على إفساد العقول وطمس هوية أجيال

... وبعد إكتشاف الغرب أن ماصدروه لنا من تفاهة وتسطيح للفكر والعقل والثقافة سيرتد عليهم وسيصيبهم في مقتل بدأوا في محاربة هذه الدعوات  

... ولا نستطيع إتهام ثورة الإتصال والمعلوماتية بالسبب في صناعة نظام التفاهة ولكننا من أسأنا إستغلالها بغباءنا ، فمثلما أن ثورتي الإتصال والمعلومات دفعت البشرية سنوات عديدة نحو الأمام والتقدم ، مقارنة مع ماكان البشر عليه قبل أكثر من قرن ، فإنهما كذلك صنعتا نظاماً صار يتعاظم ويتعملق وينتشر ، بل ربما يسود في القريب العاجل ، إنه نظام التفاهة ، كما ذهب إلى ذلك الكاتب ، أن النظام الإجتماعي الذي تسيطر فيه طبقة الأشخاص التافهين على معظم مناحي الحياة ، وبموجب ذلك يتم مكافأة الرداءة والوضاعة والتفاهة بدلاً عن الجدية والمثابرة والجودة في العمل ، نفاجأ ب٥٠٠٠ وأكثر تعليق على محتوى تافة 

... ويضيف الكاتب أن الفوز في اللعبة [نظام التفاهة] لايتطلّب سوى التظاهر بالعمل ، تكفي النتيجة الظاهريّة ، مجرّد الإمكانيّة لتبرير الوقت المنقضي ، أمّا التحقّق من النتائج وتقييمها فهو يتمّ من قبل أشخاص متورّطين في هذا التظاهر ، ومرتبطين به ، وذوي مصلحة في إستمراره ، لقد فقدت الحِرفة ، يمكن للناس الآن إنتاج الوجبات على خطوط الإنتاج من دون أن تكون لهم معرفة بالطبخ في البيت ؛ إعطاء تعليمات على الهاتف للعملاء رغم أنهم هم أنفسهم لايفهمونها ؛ بيع كتب أوصُحفٍ هم أصلًا لايقرأونها ، إن الفخر بالعمل المُنتَج جيدًا ، صار أمرٌ في طور الإضمحلال

... العارفون لايطلبون الدعم من غير العارفين ؛ كل مايحتاجون إليه منهم هو أن يكفوهم عبء إرباك المشهد بتدخلاتهم غير المستنيرة ، حتى وإن كانوا حسنوا النية ، فالطريق إلى جهنم محفوف بالنوايا الطيبة

... ويتجلى نظام التفاهة حينما نشاهد واحد يؤدي ويقول (وأشرب خمور وحشيش) ياخد سيارة هدية  من إحدى الدول ، وواحد تاني اللي بيغني ( شقلطوني في بحر بيرة ) ياخد سيف ذهب هدية من أسرة عربية ، وأكبر قناة وبرنامج توك شو في الوطن العربي بيستضيف ويحتفي بواحد كل إنجازه في الحياة أنه عمل أغنية من كلمة واحدة بينادي فيها على بطة اسمها شيماء ! ، بعد كل هذا الإسفاف ، كيف تستطيع أن تقنع إبنك وبنتك أزاي ، إن الإحترام والإجتهاد والتعليم هما سبيل النجاح أوالوصول لمكانة إجتماعية مرموقة ؟! ، إزاي تقدر تزرع فيهم القيم والمبادئ ، إزاي وهو بيشوف إن التخلي عنها هو سبيل سهل جدا للوصول للمجد والشهرة والثروة ؟! ، إزاي تقدر تقنعه إزاي !!! ، إن التفاهة والإسفاف مش أقصر طريق لتحقيق الشهرة والنجاح في الزمن ده ؟! ، هيجيلك إنت شغف منين تكمل في السكة اللي مشيت فيها ، وفاكر أنها اللي هتوصلك لحلمك وإنت شايف إن المقاييس إتغيرت ، واللي أنت بتعمله ده كله نفخ في قربة مخرومة وحاجات عفا عليها الزمن ، أسئلة صعبة وفتنة شديدة ، ربنا يعافينا منها وينجي الأجيال الجاية من الوقوع فريسة لها ! ، على خلفية تذمر الكثير منا من إنتشار المحتوى التافه وتصدره للتايم لاين في كل الوسائط ، خاصة مع إنتشار السوشيال ميديا التي أصبحت الترويج من خلالها أمر سهل جداً

... وهنا يوضح الكاتب سياسة أصحاب التفاهة في التعامل مع غيرهم فيقول ( ضع كتبك المعقدة جانبًا ، خفف من شغفك لأنه مخيف ، وقبل كل شيء لاتقدّم لنا فكرة جيدة من فضلك ، فآلة إتلاف الورق ملأى بها سلفًا ، هذه النظرة الثاقبة في عينيك مقلقة ، وسع حدقتي مقلتيك ، وأرخ شفتيك ؛ يجب أن نكون قادرين على تصنيفك ) بهذه الكلمات يرسم المؤلف صورة بانورامية لسيطرة التافهين وسيادة التفاهة وتحولها إلى نظام إجتماعي ، يقصد المؤلف أن التافهين يريدوا أن يقولوا لنا ، لاتفعل شيئا فنحن سوف ننوب عنك في إدارة نفسك

... وإلى لقاء فى الجزء الخامس إن قدر لنا ذلك وقدرت لنا الحياة

... تحياتي ...


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

ملكة الياسمين بقلم فاطمة حرفوش

" ملكة الياسمين" دمشقُ يادرةَ الشرقِ وعطرَ الزمانِ  ياإسطورةَ الحبِ ورمزَ العنفوانِ لا عتباً عليك حبيبتي إن غدرَ بك الطغاةُ وأوصدو...