الثلاثاء، 10 سبتمبر 2024

الشباب والثورة بقلم الطاهر الماجري

.................. الشباب والثورة .................

هل أثور يا ترى؟ لكن الثورة كلمة عريضة دبت إليها الشعارات الزائفة ...غموض وقلق ولكن ليس المجال تحديد معانيها والحديث عما ينسحب من هذه النظرة إلى ثورية الفكرة من نتائج لا حصر لها ...لذا كان كل من أراد الثورة يأخذ قلمه ويروح يدبلج مقالات لينفث فيها كل ما في صدره من نقمة وحقد على الإمبريالية والعنصرية والصهيونية وأصحابها ...كان يكتب وهو يود.لو يتحول القلم في يده بركانا ولو تخرج الكلمات من بين شفتيه حمما تجرف وتحرق كل بال دومين....ترى هل هذه هي الثورة ؟...أليس تلفيقا أن نحول هذا التيار الوجودي الزخم الذي يجرف شبابنا إلى الهاوية وأن نتركهم يتعاطون المسكنات الغربية عن مذاهب وفلسفات ومناظر جميلة!!!... أهو مجد أن نغير من برامج حياتنا وشعاراتنا وأن نستعير شعارات الغرب ومذاهبه بدعوى تطورها ؟..أهو مجد أن ننشيء الجمعيات الثقافية والمكتبات وغيرها بعقلية غربية بدعوى التطور الفكري المعاصر وهي لا تمت لثفافتنا بأي صلة ؟؟؟. 
   كيف يمكن لنا أن نغير ذهنية هذا المواطن الذي يعيش تقاليد ثقافية واجتماعية معينة وفجأة نقتلعه من مكانه وزمانه ونضعه في زمن ومكان غريبا عنه ونطالبه بقبول ذلك ؟... انه مثل الشجرة التي اقتلعت من مكانها ووضعت في مكان آخر وإذا لا نعتني بها فهي ستموت حتما ....
       لو تركنا جميع الاعتبارات ونظرنا إلى الحياة التي يعيشها مجتمعنا لوجدناها حياة رتيبة مملة فارغة خالية من التجربة...من المعلوم أن هذه الحياة المليئة بالتجارب تزيد المجتمع زخما وتملأ الحياة بجذور تشدها في شحوب التجريد والتخيل وتعقدات العيش ...ان فكرة التحضر والثورة على التقاليد هي السوس الذي ينخر مجتمعنا ويهدمه رغم مفهومها الخارجي الذي.يدل على الإصلاح... فقد كان بالإمكان أن تزداد خصوبة المجتمع لولا هذه الفكرة ولولا هذا التقليد الأعمى ...
      وإذا اجتمع وقار هذه الفكرة المسوسة بوقار استعارة المذاهب والشعارات الغربية فإننا يجب أن نقرأ السلام على مجتمعنا وان نودعه ال للأبد...واذا اجتمع هذا التيار الوجودي الزخم بالحياة العادية فإننا يجب أن نعترف بأننا نسرع نحو الهاوية بدون التفات إلى الورى كأننا نخاف أن يصلها قبلان آخرون ....
        فما العمل يا ترى ؟ سؤال والأجابة عنه تشعرنا بالخجل ولكن ما دمنا في صدد تقرير الوقائع وسرد الحقيقة فلنقلها صريحة: " اننا ضعفاء ولم نصل بعد إلى التحكم في أنفسنا"....
    ان مجتمعنا يعيش في دوامة تفاهات يومية تجعله يفقد صانه تدريجيا بالحياة الفاضلة وبنفسه
فيضمحل ويضؤل ثم يموت... اننا نتساقط الواحد ابو الآخر من أعلى إلى أسفل ومعظمها يتجمد أو يهبط إلى قاع الهاوية .... بما أن هناك غموض شكلي في فهم الحقيقة لكن يستحيل مع ذلك التغلب على مشاكلنا بصفة عامة ما دمنا لا نزال نعاني الوصول إلى القناعة حتى وان تجلت لنا الحقيقة عارية .....................

             
                               حراثة: الطاهر الماجري 
                             تونس في 10 ماي 1993

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

فلسفة الموت والحياة«(10)»رؤيتي بقلم علوي القاضي.

«(10)»فلسفة الموت والحياة«(10)» رؤيتي : د/علوي القاضي. ... وقفنا فى الفصول السابقة على رأي الفلاسفة وعلماء الإسلام والمتصوفة في فلسفة الموت ...