مازالت تنظر بين الحين إلى تلك الساعة المعلقة على جدار الغرفة ، و تسترق السمع إلى الأصوات الخافتة المنبعثة عبر بلور النافذة المهشمة ، تسمع وقع أقدام آتية من بعيد و تقترب ، الساعة متأخرة من الليل و حفيف الريح لم يهدأ بل يزيد و يتناغم مع أشجار الحديقة فيحدث صوتا كهدير المياه التي تنهمر من الوادي ، لقد تأخر الليل و لم يرجع زوجها من عمله منذ الصباح كغير عادته ، لقد أخبرها أنه لن يتأخر و ها قد زادت مخاوفها ، ترى ماذا أصابه ؟ عشرات الأسئلة تدور في رأسها و سحابة سوداء تحوم في مخيلتها ، تنام هنيهة ثم تستفيق في فزع ثم تلقي نظرة على الساعة المعلقة على جدار الغرفة فتنهض و الخوف تسلل إلى قلبها ، أيعقل أن يتأخر كل هذا الوقت ؟ منذ زواجهما لم يصادف أن فعلها و تأخر ، صوت نباح كلاب الحي يزداد مع إزدياد هبوب الريح و قرقعة بلور النافذة يثير توترها ، و أصوات ضحكات العابرين أمام بيتها بين الحين و الحين كلما سمعتها ترتعد فرائصها ، و لم يأت زوجها منذ الصباح و لن يأت .
محمد آبو ياسين / تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق