السبت، 5 أكتوبر 2024

11)»المشاهير ووهم الشهرة«(11)»بقلم علوي القاضي

«(11)»المشاهير ووهم الشهرة«(11)»
دراسة وتحليل : د/علوي القاضي. 
... إتفقنا في الجزء السابق أن هناك مرض نفسي وإجتماعي يسمى (هوس الشهرة والنجومية) وقد أفضنا واستفضنا واستمتعنا بدراسته وتحليله على مدار عشرة أجزاء ، والوقوف على أسبابه وصوره وطرق علاجه من وجهة نظر علماء النفس والإجتماع ، وهذا المرض يتعلق بالشهرة (ذاتها)
... ولكننا خلال البحث فوجئنا بأن هناك مرض أشد ضراوة إسمه مرض (التعلق بذيل الشهرة) وليس (الشهرة ذاتها) بمعنى أنك تتعلق بشخص لاتعرفه أصلا ولم تسمع عنه ، ولكن تمدحه رغم أنه (ليس مشهور) ، ولكن البعض إهتم به من باب الحب أو التعاطف أحيانا ، شاعر زجال عاش في الظل لم يهتم به أحد ، أو شارك صورته ولم يتكلم عنه أحد ولامعه ، وأنت شخصيا لاتعرفه ولم تشاهد له حتى صورة ولا تكريم ، وعندما يموت المسكين ل (روحه السلام) ، تصبح مشاركة صورته فرض عين على الكثيرين ، فقط لأن البعض شاركها ، والأمر هنا يشبه تماما بمن يدعي أنه يحب القهوة لأن بعض المشاهير يحبونها ، أو أشبه بمن يكتب قصيدة على بيروت أو القدس أو بغداد لأن هناك شعراء كتبوا عن هذه المدن ، هذا المرض يسميه علماء النفس (التعلق بذيل الشهرة) ، ولكن العلماء طمأنونا لحسن الحظ أن الشفاء من هذا المرض سهل ، فقط جرعات من الصدق مع الذات وتعلق النفس بالواقع
... في أحد الندوات الثقافية فاجأني أحدهم بسؤال ، هل هوس الشهرة (حلم يقظة شخصي أم مرض نفسي) ؟! ، وكانت إجابتي ، أخي الكريم ، من منا لا (يتمنى) ويحب أن يكون شخص محبوب ومشهور ونجما بين الناس ؟! ، في مجال معين ، أو يكون محط أنظار الٱخرين ويشار إليه بالبنان ، كأن يسير في الشارع وتشير الناس نحوه وتقول هذا فلان صح ؟! ، ويتسابق بعضهم لإلتقاط صور معه ليعبروا عن حبهم له ، وللمحتوى أو الفائدة التي يقدمها للناس ، لكن الذي (لايتمناه) أحدنا أن حب الشهرة يتحول لمرض الهوس بها ، هوس يجعله لايحلم ولايفكر في شي غير أنه يكون نجما ومشهورا حتى لوكان هذا الشخص عديم الفائدة وعديم المحتوى ، كأن يظهر على المنصات ويتكلم ب (أي كلام) وبكل (إسفاف) ، حينها لايهمه قدره أوشكله أو صورته أمام الناس لكن المهم أن يكون نجما مشهورا ومعروفا بين الناس
... وعلماء النفس يفسرون هوس الشهرة وحب الظهور ولفت الإنتباه (مهما كلف الأمر) ، أنه هوس ناتج عن عقده نفسيه إجتماعية سلوكية ، تغذت على سوء التربية منذ نعومة الأظفار في الخطأ ، ورعاية المحيط الإجتماعي الذي لايهمه إلا الفوز (بالمكاسب على حساب القيم) ، وخير مثال على ذلك (عقدة ومرض النشر على فيس بوك) ، وأوضح مثال على ذلك ، كثرة النشر غير الموثوق على مواقع التواصل الإجتماعي ، يمكن أن نعزيه إلى المرض النفسي لبعض المستخدمين ، وهنا تقضي النصيحة بتوخ الحذر وعدم تصديق كل ماتتلقى أو تسمع أو تقرأ على وسائل التواصل ، فإن الباحثين عن الشهرة ، ومدّعي المعرفة ، وحتى الكذبة والمرضى النفسيين ، في إزدياد عظيم ، أبتليت مجتمعاتنا بظاهرة خطيرة وهي إنتشار مواقع التواصل الإجتماعي وإتساع إستخدام هذه المواقع ، وأنماطه وأساليبه حتى أخذت مظاهر هذا الإستخدام تختلف من شريحة إلى أخرى ومن فرد إلى آخر ، ومن غرض إلى آخر ، وظهرت من بين هذه الشرائح شريحة المرضى المتعلقين بشبكات التواصل الإجتماعي ، من منا ليس لديه أصدقاء على مواقع التواصل الإجتماعي ينشرون بشكل يومي ، بصرف النظر عن طبيعة ومناسبة المنشور ؟! ، جميعنا لدينا هذا النوع من الأصدقاء الذين لايفوتون يوم دون النشر أوالتعليق على حادثة أو موضوع غير مهم ، كأن يكون (شراءه لأكله لذيذة) ، أو (تناوله لكوب من الشاي) في مقهى مشهور وهكذا بقية الأشياء البسيطة التي لاتستحق النشر ، ولاضير في ذلك وفي نشر النشاطات الخاصة بالشخص فهذه حرية شخصية مع عدم وجود ضرورة لإطلاع المتابعين على الحياة الخاصة لهؤلاء الأشخاص ، لكن الإشكالية في المغالطات التي تنتشر على مواقع التواصل الإجتماعي والتي إعتمدها المستخدم على أنها معلومات رصينة غير قابلة للنقد ، فكثيرا مانتعرض ونحن نستخدم تطبيقات مواقع التواصل الإجتماعي إلى رسائل صوتية ومصورة ومكتوبة عن مختلف الأمور وأخطرها ، إذ يقوم مدعي المعرفة بنشر أخبار وأفكار خطيرة ، سواء كانت أخباراً مغرضة ، أو نصائح دينية ، أو طبية ، أو غذائية ، أو رياضية ، وغيرها ، وماجعل الأمر أكثر خطورة نسبة الجهل العالية بين مستخدمي الشبكات الإجتماعية ، وميلهم شبه الفطري إلى تصديق أي كلام أو معلومة تم نسخها من مواقع دون تدقيق ، مع عزوف واضح عن بذل جهد ولو كان مجهوداً بسيطاً ، والبحث عن مدى صحة أو حقيقة مااستمعوا إليه ، أو سبق أن قرأوه على إعتبار أن ماينشر صدق وصحيح مائة في المائة وهنا تكمن الخطورة
... وقد ينتشر مقطع فيديو لأحد الهواة عن نصيحة طبية غير حقيقية وغير منطقية أيضا وكثير ماهم ، مثلا ظهر فيديو يشرح ليؤكد عدم فوائد المشي في التقليل من السمنة وحرق الدهون ، والعلم والدراسات والعرف الجاري والمعلومة السائدة عند العامة تقول أن المشي أحد أهم الطرق للتخلص من الوزن الزائد ، ثم يأتي هذا الفيديو ويخالف هذا الطرح بفكرة غريبة تخالف الأصول العلمية ، وتقول أن المشي غير مفيد كعلاج لهذه الظاهرة (السمنة) ، والفيديو يستمد قوته من إحدى الدراسات المنشورة على مواقع لانعرف مدى دقة معلوماتها وصحتها ، ولانعرف ما إذا كانت هذه المعلومات خاضعة للتدقيق من قبل مختصين 
... ويأتيك آخر بخبر أكثر خطورة يتعلق بالجوانب الأمنية ، ولايجهل أحد ما أهمية الجانب الأمني لدى المجتمعات ، نتيجة ماعانته البلاد العربية من أوضاع أمنية هشة ، وبالتأكيد فإن أي خبر يتعلق بهذا الخصوص ، يأخذ مأخذه في الأوساط ، فعلى سبيل المثال روجت صفحات وأشخاص لتحرك مريب تقوم به المجموعات الإرهابية في صحراء نينوى (العراق) ، فلا نتصور حجم الرعب والذعر الذي يمكن يحدثه انتشار هذا الخبر ، لاسيما وأن جميع العراقيين لديهم صور مأساوية مخزونة في ذاكرتهم من الحرب على الإرهاب التي حصدت أرواح الأبرياء من الشباب ، بعد قراءة هذه الأخبار يصبح الجمهور في حالة ترقب وشكوك عن حقيقة مايدور ، ويبقى بانتظار الرواية الصحيحة من الجهات الأمنية والناطقين الرسميين
... تحياتي ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

سؤال لمصر بقلم يوسف عطاالله

بمناسبة اعياد اكتوبر المجيده  ================== سؤال لمصر كلمات / يوسف عطاالله  سألونى فين يامصر حرب الدماء جاوبت بفخر حربى تعمير الصحراء ا...