الثلاثاء، 22 أكتوبر 2024

إلى والدي بقلم عبد خلف حمادة

 إلى والدي 

شعر: عبد خلف حمادة

________________

أبتاه غادرتَ الحياة شباباً

دنيا تركتَ و خِلَّةً و صِحاباً

إنَّ المنايا يخترمنَ تروسنا 

وهو المقررُ في القديم كتاباً

في لوحنا المحفوظ مسطورٌ كذا 

أمر السعادة والشقا وعِقابا

خمسونَ عاماً في المواجع خضتَها 

عانيتَ فيها قلةً و صِعابا

فداؤكَ القَتَّال في القلب انبرى 

منهُ التوجعُ يستحيلُ عِصابا 

فالعلةُ الرعناءُ تسري نارها 

تحت الضلوع وتستزيدُ عذابا

غيثُ المصائبِ منسكباً همى

والسيل غطَّى سهلها وهضابا 

وَرحلتَ عن رَبْعٍ شقيتَ لأجلهِ

من بعد ما لذَّ المُقام وطابا 

عجباً لتصريفِ الزمان وحكمهِ

للهِ درُّكَ هل مُودعُ آبا 

كدحاً وسعياً قد تشققَ كفهُ

والقرح أوغل في الحشا وانسابا

لَسِكَّةٌ في الأرضِ أظفارٌ لها

ولآن ولَّى حظها وانجابا 

و غِراسُ بالعرقِ المُضمَّخُ بالضنا 

صبوحُ تشربُ نخبها وغيابا

أبي جناناً قد زرعتَ على المدى 

حقولَ كانت قفرةً و يبابا

ولقد رحلتَ ولم تُمَتِّعْ ناظراً

يومَ القطاف وما اتخذتَ جِرابا 

تركتَ زخرفها الحقير و زينةً

تَعِسَ المُؤمِّلُ نفعَها بل خابا 

لباسُ تقوى قد كُسِيْتَ مع الهدى

وَمَا صحبتَ كلابها و ذئابا  

كفٌّ نظيفٌ طاهرٌ رغم العنا

والقلبُ أبيضُ بالمحبةِ طابا

وَ بسطتَ أيدٍ بالنوالِ سخيةً

ترجو من الربِّ العليِّ ثوابا 

وبذلتَ مالكَ في العبادِ  تقرباً

في يومِ حشرٍ تبتغي الأسبابا

أسبابَ فوزٍ للفلاحِ مع الرضا 

ذُهِلتْ مراضعُ والمُوَلَّدُ شابا

وَ عزفتَ عن لهوِ الحياةِ وسخفها

قد فازَ عبدٌ للسفاسفِ عابا 

بَئِسَتْ حياةُ المترفينَ وَ لهوهم 

و توَزَّعتٔ أوقاتهم أنخابا 

وَلَغُوا بأقذارٍ وَ عَبَّوا لِذَّةً

قد غادرتهم جيفةً وَ ترابا 

يا أيها الرجلُ الحكيمُ ألا ترى 

أنَّ المُرَجَّى في الحياة سرابا

نال الفلاح لبيبها والمبتغى 

رشف السرور من الجِنان رضابا 

أبتاهُ آملُ أن تكونَ منعما

لدى المليك وأن تطيب حسابا 

بِحُسْنِ نيَّاتٍ ونشرِ فضيلةٍ

وطِيبِ أخلاقٍ ملأتَ رِحابا 

ماالعيشُ إلا ركعةٌ فيها الرجا

يَلِجُ المطيعُ لِجَنَّةٍ أبوابا 

وَ تطيبَ نفسُ المؤمنينَ بذا اللِقا 

من حوض أحمد تستسيغ شرابا

كلٌّ مجازى في المعاد بكسبهِ

لَبِثَ المُفرِّطُ في اللظى أحقابا  

™™™™™™™™™™™™

مع تحيات الشاعر والكاتب عبد خلف حمادة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

ماذا أقول بقلم أبو خيري العبادي

  بقلمي ماذا أقول ماذا أقول لها لو الايام تجمعنا ونكون لبعضنا انعيد شريط الذكريات وكم جميل أول يوم لقاء اذكرها بالطفولة  وما لعبنا صغار على ...