أحياناً،
أختبئ وأبكي
أذرف الدمع... وأنا أدري
أن النحيب... لا يجدي
لكني أدري...
أننا نذرفه لعدة أسباب
فالبكاء... له معانٍ كثيرة
وألوان عديدة
البكاء هو الحقيقة...
يعني الأحزان
ودليل على الفقد والانكسار
لكن أحياناً...
يوحي البكاء
بالتفاؤل والانبهار
يعبر عن قمة السعادة
عمق الأفراح، كالعادة
نبكي من فرط الفرح لعدة أسباب
كنجاح بعد جهد طويل
أو لقاء أحبة... أطالوا الغياب
البكاء ينقي الروح
يجعلنا نصالح الذات
نحررها...
من كل الضغوطات
لكن البكاء... عند البعض
يمشي عكس التيار
يتولد عنه الاستصغار والاحتقار
رضى مغتصب
انصياع وإذلال
خضوع وامتثال
هنا... تجف الحروف
وترفع الأقلام
يسيل الدمع... عوض الكلام
هنا يعلمنا البكاء الكثير
يعلمنا زرع الأوهام
في أرض ثكلى...
أرض بور
يعلمنا الرقص عراة
نحضن صقيع البرد...
تحت المطر
نحاور ظلام الليل
ونناجي ضوء القمر...
كي لا يفل
نتشح بنور قنديل ضئيل
نغزل ما تبقى
من خيوط الأصيل
علّمنا البكاء...
أن حاضرنا... بات أحلاماً
مجرد حكايات وأساطير
بات... مستحيلاً
نسافر عبر الخيال
نحلق بعيداً ونطير
لا ندري...
أتهزأ منا الحياة؟
أم هي حتمية المصير؟
كيف لنا... ألا نبكي
وكل ما حولنا... يبكي
ولا يسعنا سوى أن نقول
إنه من غير المعقول
أبداً... من غير المعقول
أن تذبل السنابل
تداس وتلقى بالمزابل
ونشتكي الجفاف...
وشح المحصول
يشيخ الربيع قبل الأوان
وتُرمى البراعم
بجوف المحظور
بلا هدف... ولا مبرر مقبول
تحتضر الفسائل
توارى الثرى
ونبضها ما زال يفور
عصافير تهاجر أوكارها
مكسورة الأجنحة
تذرها الرياح صوب المجهول
يجلجل رمادها غماماً...
يدمي المقل
وينسج العويل تراتيلاً
يلطم الصوامع والمحابر
فتُطمس شواهد المقابر
كيف لنا ألا نبكي...
والحق بات منتهكاً مستوراً
كل ما حولنا... مكبل مغلول
زور في زور
كل ما حولنا...
يهيج ويموج
كأننا أمام صحوة مبكرة
ليأجوج ومأجوج
بعد اليوم...
تضرعوا لله
اتركوا الدمع يسيل
اتركوه يسيل
لا تخنقوه بالمحاجر
اتركوه... اتركوه يسيل
ابكِ أيها الرضيع
أيها الطفل المهمل
ابكِ أيها الشاب
أيها العجوز...
أيها الفقير
أيتها الأرملة
اصرخوا...
واملئوا الدنيا بالعويل
ابكِ يا وطني
ابكِ ولا تبخل
ابكِ ولا تخجل
ودعوني أبكي
فقد بلغ اليأس مثواه
والوجع مرتجاه
دعوني أبكي
لعل الدمع يغسل الآفات
يصمت الكون من حولي
وأشفى من الآه
أصبر وأحمد الله...
حتى يبلغ الحمد مبتغاه
تأليف: مينة عضار
من ديوان: شموع تذرف الدمع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق