السبت، 28 ديسمبر 2024

أم محفوظ بهلول البربري بقلم رضا الحسيني ( 13 )

.. أم محفوظ بهلول البربري .. رواية / رضا الحسيني ( 13 )
كان العام العاشر لمحفوظ من أكثر الأعوام في طفولته أحداثا وتأثيرا على كل أعوامه القادمة ، ففي عامه العاشر خرج محفوظ مع شقيقتيه الأكبر منه والأصغر منه في نزهة بمنطقة حلوان ،وكان يقصدها في هذا الوقت كثير من المشاهير والأثرياء والساسة لجمالها وحدائقها وهدوئها ، وعند عودتهم استقلوا المترو ، عند مجيئ المحصل لم يكن مع شقيقته الأكبر إلا ثمن تذكرة واحدة وأصر المحصل على نزول أحدهم ، نزل محفوظ لتبقى شقيقتيه في أمان بالمترو ، وعاد محفوظ سيرا على القضبان من محطة وادي حوف حتى منطقة طره الأسمنت حيث توجد بيوت عدة لأهله من والديه ، اختار أن يدخل عند أهم بيت بطره الأسمنت ، بيت الست أم علي ، بنت عم أمه ، وابنها علي هو من اهم الشخصيات التي أحبها محفوظ وتعلق بها كثيرا ، فرغم عدم حصوله على مؤهل دراسي جامعي إلا أنه أكثر من قابلهم محفوظ بحياته علما وثقافة ونضجا ، دائما ما يأخذ محفوظ لعالم ساحر بحكاياته فيبهره بما يحكيه ، وهو بذات الوقت عرَّاف العائلة ، ودائما عنده كتاب أو صحيفة بهما شيئا جديدا، نسي محفوظ كل مالاقاه من إرهاق للسير لأكثر من ساعتين ، فكان لعلي هذا كبير الأثر على مخزونات الحكي لدى محفوظ
وفي عامه العاشرأيضا قررت الإدارة التعليمية فتح مدرسة جديدة في فيلا أخرى بذات منطقة مدرسته الشرقية ، واسمها مدرسة ثكنات المعادي ، فتم اختياره مع مجموعة أخرى من التلاميذ ليكونوا نواة هذه المدرسة الجديدة ، وكان بالصف الرابع ، وانتقل معه تلميذ جميل الروح والخلق شديد الذكاء يدعى خالد صقر ، تقاربا كثيرا بهذا الفصل وأصبحا صديقين حميمين ، وخالد من حي السيدة زينب أصلا وانتقل حديثا مع أسرته المكونة من خمسة أفراد للعيش بالمعادي ، ذات يوم قررا الغياب والذهاب لهذا الحي العريق معا ، أخذه خالد في جولة بمنطقته هناك حيث قلعة الكبش وجامع ابن طولون والسيدة نفيسة وحي السكاكيني ، وانتهى بهما المطاف في سينما الشرق ، أعرق سينما بالقاهرة ، تمتاز بأن الأفلام فيها تعاد طيلة النهار فلايفوتك منها فيلم ، والتذكرة كانت بثلاثة قروش ونصف فقط وتعرض ثلاثة أفلام في اليوم ، وكان من بين افلام هذا اليوم فيلم هرقل ، خرجا من السينما قرب الواحدة ظهرا ، وعندما اقتربا من درجات سلمها المرتفع كثيرا صرخ محفوظ :
_ بابا .. بابا ياخالد
_ مش باباك في الشغل في حلوان زي ماقلت لي ؟!
_ أه ، بس ممكن يكون هنا في مأمورية بسيارة المدير ، ليه لأ
_ متأكد إنه هو ؟ شافك ؟
_ لأ ، بس كده هو هنا بالمنطقة وممكن يشوفني طبعا
في مساء هذا اليوم عندما رجع الأسطى زغلول للبيت ظل محفوظ يُمثِّل بأنه يذاكر ويكتب واجباته حتى يُقنع الجميع بأنه كان بالمدرسة ككل يوم وقد نجح في ذلك ، وتأكد من أن والده لم يلمحه وهو يهبط درجات سلم سينما الشرق ظهيرة هذا اليوم
وغدا نستكمل عام محفوظ العاشر الطويل14

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

العام الجديد بقلم جابرييل عبدالله

أحبائي اصدقائي أسعد الله صباحكم بالخير والسعادة خاطرة  العام الجديد  عام جديد قد وصل       يا أصدقائي ويا أهل العمر يمضي بسرعة      ...