(من ذكرياتي في فترة الشّباب قبل نصف قرن من الآن)
أَنَــا لَا أُحِــبُّ مِـنَ الأَنَـــامِ سِـوَاكِ.
وبِأَلْـفِ جِـرْسٍ أَسْتَــجِـيـرُ هَوَاكِ
بِمِدَادِ قَلْبِي فَوْقَ طَرْسِ هَــنَاءَتِي
خَطَّ الــهَـوَى، فِي لَيْلَتِي، ذِكْرَاكِ
وحُشَاشَتِي، فِي دَاخِلَيَّ جَعَلْـتُـهَا
طُعْـمًا لِـحُـبِّكِ، سَائِـغًــا وجَـوَاكِ
وجَعَلْتُ سَيْلَ القَـافِـيَاتِ تَـبَـرُّعًا
خَـمْرًا لِرُوحِكِ، فَاعْلَمِي، وبَهَاكِ
كَرِهَ الحَشَى لَمَّا اضْطُرِرْتِ لِتَرْكِنَا
يَوْمَ الوَدَاعِ، فَعَاجَ، رَغْمِي البَاكِي
وبَـدَا يُـصَعِّـدُ فِي الظَّـلَامِ شَكَاتَهُ
لِـلـنَّـجْـمِ، إِذْ لَـمْ يَـــفْــتَـــقِـدْ إِلَّاكِ
وأَقَـامَ فِي قَـفَـصِ الضُّلُـوعِ مَآتِـمًا
تَـرْثِي الـوِصَـالَ، ولَيْـتَـهُ يَنْـسَاكِ.
فَالـقُـرْبُ مِنْكِ سَعَـادَةٌ لَا تَنْتَهِي
وهَوَاكِ؟.. رُوحِي فِدْيَةٌ لِـهَـوَاكِ.
فَـهَـوَاكِ جَنَّـاتُ النَّعِـيـمِ وفَيْـئُـهَا
هَاتِـي يَدَيْكِ لَكَـيْ أَذُوقَ جَزَاكِ
هَـيَّا ارْفَـعِينِي مِنْ أَدِيـمِ تَحَسُّرِي
لِأَرَى حَنَانَكِ، عَـجِّلِيي، رُحْمَاكِ
لَا تَـتْـرُكِيـنِـي، إِنَّـنِـي مُـتَـحَـدِّثٌ
بِــهَـوَاكِ لِــلْأَطْيَارِ، لِــلْأَفْـلَاكِ.
لَا تَـأْسِرِيـنِي فِي خِـضَـمِّ مَـتَاهَتِي
بَلْ قَـرِّبِـي مَـغْـنَايَ مِنْ مَغْـنَاكِ
لَا تَقْطَـعِي مِنِّي قُـلَامَةَ خَاطِرِي
لَا تَـهْـجُـرِينِي، فَـالـفَـنَـا مَـنْــآكِ
لَا تَـسْـأَلِـيـنِي، إِنْ أَرَدْتِ تَـثَـــبُّـتًا
وسَلِي عَلَى دَرْبِ الـغَـرَامِ سَنَاكِ
وسَلِي الرُّبَى والزَّهْرَ ثُمَّ تَصَفَّحِي
وَجْـهَ السَّمَاءِ بِـنَجْـمِـهَا الـمُتَـبَاكِي
وسَلِي ضِـيَاءَ الـبَدْرِ ثُـمَّ تَصَنَّتِي
لِـتَـرَى تَـصَـاوِيـرًا بِــهَــا عَــيْـنَاكِ
وَلْـتَـقْرَئِي فِي وَجْـهِـهَا شَوْقًا بَدَا
مِنْ دَاخِـلِــي وَلْــتُـصْـغِـهَـا أُذُنَاكِ
وجَـمِيعُـهَا يَـحْكِـي إِلَيْكِ صَبَابَتِي
يَرْوِي وَفَائِي فِـي الهَـوَى وجَفَاكِ
بَلْ يَسْتَجِيرُكِ لِانْتِشَالِ تَصَبُّرِي
مِنْ قَـبْـضَةٍ لِلْيَـأْسِ والأَشْـوَاكِ.
عُدْنَا وعَادَ الشَّوْقُ يَلْفَحُ مُهْجَتِي
وحُشَاشَتِي تَشْـتَـاقُ رِقَّ نَـدَاكِ
وتَرَى الوِصَالَ إِلَى فُؤَادِي مِرْهَمًا
يَشْفِـيـهِ مِنْ دَاءِ الـهَـوَى وضَنَاكِ.
هَـذَا نِـدَاءُ القَـلْبِ دَوْمًا فَاعْلَمِي
كَـمْ يَسْتَـطِـيبُ بِـخَاطِرِي لُقْيَاكِ.
حمدان حمّودة الوصيّف... تونس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق