راوية شعيبي
_____________
لم أشق في حياتي إلا حين تخليت عن حلمي و نسجت من خيوط الوهم حياة جديدة و ارتديتها ثوبا لائقا لكل الخيبات... في حفل إدعاء فاخر أمسكت بكأس الصبر و تناولته جرعات سريعة علّي أخفف وطأة الفراغ و كفى ممدودة للجرح... ستائر الخوف تصفق أمام عيني تخبرني عن نضج البرد بين أضلعي تمزق قناع الصمت على وجهي... تكشف مدامعي للشعر...
لم أطأطئ رأسي لريح الغياب لكن ثقل الأيام أتعب كتفي فجثوت من شدة الحزن على عرش الكتمان...
من جرّ عربة الحرمان إلى موطن الفرح لتصهل خيولها معلنة موعد الرحيل...
من غطى موقد الذاكرة بكومة الخشب... أتراه يشعر ببرد وحدتي و الهطول الغزير يغرق في فمي الحرف...
من صنع من ثلج الطريق رجلا يبتسم ساخرا من حرقة الدمع في عيني...
من ألبسه معطف الريح ليسقط جثة هامدة في موسم البكاء و يعلو صوته الجوهري... أنا هنا خلف قضبان السحاب أنشد التحليق في فضاء بلا أوتاد...
من قال أن الشعور يموت حين نرسم قبلة على جباه العذاب...
من أشعل ثقاب الضجر في يوم حافل بالرماد...
من قال أننا نتوب عن الذاكرة حتى و إن أجهضتها التجارب بين الحفر...
من أمسك من أيدينا القلم فهل تراه يمنع عن شفاهنا الشعر...
من راودته ظلالنا في سماء قمرها انتحر...
من أوقد النجوم الباكيات على عتبة الصبر...
تساقطت أجسادا منطفئة كبقايا سيجارة في مرمدة العمر...
من نحت تمثالا لوجه الغريب رآه سيد البشر...
من قال أني أتوب حين ألمس بأناملي كريات القهر...
كنت أكتب من شرقة الحروف حكاية الصبار و الشوك في اصبعي يتدفق منه سيل الحبر...
من قال أن أجنحتي انكسرت... أطير رغم قسوة جراحي فجناحي دوما حر...
من قال أني أعزف لحن شرودي... أنا أعشق الحرية و لأجلها أراقص الوتر...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق