الأربعاء، 18 ديسمبر 2024

تحية إلى كل أب مكافحٍ أتعبته الحياة بقلم محمد آبو ياسين

تحية إلى كل أب مكافحٍ أتعبته الحياة 
يظنُّك الأبناءُ أنك مترَفٌ ، و يحسبُ الجيرانُ أنّك ذو رزقٍ و مال ، و أنك لا تمرَضُ و لا تحزَنُ و لا تحتاجُ ، و أنّ جميع مفاتيحَ الحياة بين يديك ، و كم يظنّك البعض أنّك لا تشْعُرُ بالضعفِ و لا تميلُ ، و أن وقوفكَ شامِخًا شيئًا طبيعي و حتميٌّ بدون جدالٍ ، و كلّ المُحيطينَ بكَ من أقارِبَ و أصدقاءَ يظُنُّون أنك صلبًا قويًّا و هيهات هيهات أن تُكسَرَ ، و أنك جُلمودٌ من الصَّخْرِ منحوتًا من الصَّبرِ لا تهزِمُك الأيّامُ و لا تتألّمُ ، و هم يجهلون ما تُكَابدُهُ كلَّ يومٍ من مشقَّةٍ ، و لا يعْرِفون كم سفحتَ من دمعٍ و أنتَ خاليًا في قِمّةِ ضعفكَ و كسْرةِ خاطِرِكَ و هوانِكَ ، و لا يدرِكُون أنك قبل الخُروج إليهِم تجمع شِتَاتَكَ و تلبِسُ لبَاسَ المُكافِحِ و ترسُمُ على وجهِك إبتسامة الإنتصارِ على الدنيَا ، و لا يسألونك ما فعلَتْ بك الجُروحُ و أنت تحَارِبُ أهوالَ هذا الزَّمانِ الغريبِ و كيفَ نجوْتَ من الألغامِ و الأخطارِ المنصوبةِ في كل منعطَفٍ و مسلَكٍ و كلَّ طريقٍ تعبُرُهُ مُخضّبًا بدماءِ المُعاناةِ القاسية في سبيلِ البقَاءِ في سبيلِ الوجُودِ و طيفَ الخُلود . 
لا يعرِفونَ مِنْك سوَى إبتسامتك و سخريتكَ من الأقدارِ البائسة و لا يشعرون أنك تَذُوبُ كشمعةٍ تحترِقُ لتنير الدروبَ ، يريدونكَ أن تبقى دومًا قويًّا و أنت تضمِّدُ ما أثخنته حروب الحياةِ فيك و تغمِسُ أطرافكَ المُنهَكَةِ في الماءِ و الطٍِينِ لتتعافى سريعًا و يهدأ بالُك و أنْ تستكين . 
✍️ محمد آبو ياسين / تونس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

شفافية بقلم عبدالرحمن أمين المساوى

شفافية قوانين التدرج  طريقة لأسلوب ردكالي قديم بطريقة معاصرة نبتغي بها وجه الله لعل وعسى يكون المنطق أثره الإيجابي على عصبة الأمم وحكام العر...