يظنُّك الأبناءُ أنك مترَفٌ ، و يحسبُ الجيرانُ أنّك ذو رزقٍ و مال ، و أنك لا تمرَضُ و لا تحزَنُ و لا تحتاجُ ، و أنّ جميع مفاتيحَ الحياة بين يديك ، و كم يظنّك البعض أنّك لا تشْعُرُ بالضعفِ و لا تميلُ ، و أن وقوفكَ شامِخًا شيئًا طبيعي و حتميٌّ بدون جدالٍ ، و كلّ المُحيطينَ بكَ من أقارِبَ و أصدقاءَ يظُنُّون أنك صلبًا قويًّا و هيهات هيهات أن تُكسَرَ ، و أنك جُلمودٌ من الصَّخْرِ منحوتًا من الصَّبرِ لا تهزِمُك الأيّامُ و لا تتألّمُ ، و هم يجهلون ما تُكَابدُهُ كلَّ يومٍ من مشقَّةٍ ، و لا يعْرِفون كم سفحتَ من دمعٍ و أنتَ خاليًا في قِمّةِ ضعفكَ و كسْرةِ خاطِرِكَ و هوانِكَ ، و لا يدرِكُون أنك قبل الخُروج إليهِم تجمع شِتَاتَكَ و تلبِسُ لبَاسَ المُكافِحِ و ترسُمُ على وجهِك إبتسامة الإنتصارِ على الدنيَا ، و لا يسألونك ما فعلَتْ بك الجُروحُ و أنت تحَارِبُ أهوالَ هذا الزَّمانِ الغريبِ و كيفَ نجوْتَ من الألغامِ و الأخطارِ المنصوبةِ في كل منعطَفٍ و مسلَكٍ و كلَّ طريقٍ تعبُرُهُ مُخضّبًا بدماءِ المُعاناةِ القاسية في سبيلِ البقَاءِ في سبيلِ الوجُودِ و طيفَ الخُلود .
لا يعرِفونَ مِنْك سوَى إبتسامتك و سخريتكَ من الأقدارِ البائسة و لا يشعرون أنك تَذُوبُ كشمعةٍ تحترِقُ لتنير الدروبَ ، يريدونكَ أن تبقى دومًا قويًّا و أنت تضمِّدُ ما أثخنته حروب الحياةِ فيك و تغمِسُ أطرافكَ المُنهَكَةِ في الماءِ و الطٍِينِ لتتعافى سريعًا و يهدأ بالُك و أنْ تستكين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق