بقلمي : د/علوي القاضي.
... وصلا بماسبق ، كما ظهر جليا في مشهد فيلم البرئ من ظلم وقهر وقمع وإذلال لعالم الجيولوجيا ، دون أى إعتبار لمكانته العلمية والأدبية والإجتماعية مما يدعونا لضرورة مواجهة الظلم والقمع والمنكر بكل أشكاله كما أوصانا سيد الخلق سيدنا محمد صل الله عليه وسلم باليد فإن لم نستطع فباللسان فإن لم نستطع فبالقلب وهذا أضعف الإيمان ، وذلك خوفا من تدهور الحالة الإنسانية ، ويفقد الإنسان إنسانيته ويتحول كالعبيد (حيوان في صورة بشر)
... وهذا المعنى تناوله الكاتب السوري (ممدوح عدوان) في كتابه (حيونة الإنسان) ، وأعتقد أن أفكار الكتاب كان لها دور كبير في إنجاح الثورة السورية
... وبعدما تصفحت هذا الكتاب تكون وتبلورت لديّ أفكار تنويرية ومنهجية وسلوكية ، فقد تكلم فيه الكاتب عن عًالم (القمع) المنظم والعشوائي ، الذي يعيشه إنسان هذا العصر ، ويرى الكاتب أنه عالمٌ لايصلح لحياة الإنسان ، ولا لنموّ إنسانيته ، بل هو عالم يعمل على (حيونة الإنسان) بمعنى أن يفقد إنسانيته و (يتحول إلى حيوان بشري) ، ومن هنا كان هذا (عنوان الكتاب)
... واتبع الكاتب أسلوب الباحث الأديب ، فالكاتب لم يكن بصدد (طرح) نظرية أو (تأييد) أخرى ، أو (نقض) نظرية أو (تفنيد) أخرى
... ويفترض الكاتب أن الإنسان (كامل الإنسانية) ، وهذا الإفتراض يجعلنا حينما نقارنه بواقعنا الذي نعيشه نتلمس حجم (خسائرنا) في مسيرة إنسانيتنا ، وهي (خسائر) متراكمة ومستمرة ، طالما أن عالم (الظلم والقمع والإذلال والإستغلال) قائم وممنهج ومستمر
... ومع إستمرار (الظلم والقمع) ستنتهي بنا هذه المسيرة البائسة لإنسانيتنا إلى أن نصبح مخلوقات من نوع آخر كان إسمها (الإنسان) أو كان يطمح أن يكون (إنساناً) ، وليس بالضرورة حدوث التغير في (الشكل) ، فالتغير الأكثر خطورة هو التغير في بنية الإنسان الداخلية (العقلية والنفسية) وليست (الجسدية الظاهرية)
... ويقول الكاتب أنه إذا كان الفلاسفة والمفكرون والفنانون والأدباء والمتصوفون والمصلحون يسعون (كلٌّ على طريقته) ، إلى السمو بالإنسان نحو الكمال الذي خسره ، أو اليوتوبيا (المدينة الفاضلة) التي يرسمونها له ، أو حتى يتخيلونها ، فالكاتب يحاول في هذا الكتاب عرض عمليات (الإنحطاط والتقزيم والتشويه) التي يتعرض لها هذا الإنسان في مسيرته الإنسانية
... ومن الأفكار التي تميّز (الكاتب) أنه سرد إقتباسات من روايات مصنفة في (أدب السجون) ، مثل رواية (عنب بلدي) ، وهو عمل عميق يكشف عن الجانب المظلم من (الطبيعة البشرية) عندما تُسلب منها الحرية والكرامة
... أيضا في هذا الكتاب يصف الكاتب (ممدوح عدوان) ، كيف أن الظلم والقهر والقمع والإذلال يمكن أن يسلب الإنسان إنسانيته تدريجيًا ، ويعيده إلى حالة غريزية أشبه بالحيوانات أملاً في النجاة ، حيث تكون النجاة غايته الأساسية
... ومن أبرز الأفكار التي تناولها الكاتب :
★ وصف الكاتب للإنسان بين (الحرية) و (القمع) ، وكيف يتحول الإنسان من كائن (حر) مفكر إلى شخص (خانع) عندما يُفرض عليه واقع إستبدادي طويل الأمد
★ وصف السلطة وتأكيد تأثيرها على النفس البشرية وكشف الكاتب عن العلاقة بين السلطة والإستبداد ، وكيف يمكن للأنظمة القمعية أن تبرر أفعالها بتجريد الآخرين من إنسانيتهم ، مما يسهل ممارسة العنف والإذلال ضدهم وضد ذويهم
★ تأكيد الكاتب لوجوب إستمرار الصراع بين (القيم) و (الواقع) ، ويؤكد فكرته بطرح مقارنة بين (السعي لتحقيق الكمال الإنساني) وبين (الواقع المذري الذي يفرض على الإنسان) لأن يتخلى عن قيمه في سبيل البقاء
★ وفي الكتاب أيضا يطرح الكاتب أسئلة وجودية وفلسفية عن (ماهية الإنسان في مواجهة القمع) ، كما أنه (يضع القارئ أمام مرآة) ، ليعيد التفكير في مدى (قدرته على الصمود) أمام الضغوط السلطوية الإستبدادية القمعية
... ولم يكن فن الرسم بعيدا عن هذه المهزلة الإنسانية فقد كان له دور كبير في نقل الأحداث من داخل السجون لإظهار كم المعاناة البدنية والنفسية والعقلية التي يعاني منها الإنسان داخل الزنازين
... وهذا ماسنراه في الجزء الثالث بإذن الله إن قدر لنا ذلك وقدرت لنا الحياة
... تحياتي ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق