الاثنين، 31 مارس 2025

عادي بقلم عمر أحمد العلوش

( عادي )

قالت: أتدركُ معنى أن أقول لكَ "عادي" حين تسألني: كيف حالكِ؟ فأجيبكَ: "عادي". كلمة تبدو باهتة، رتيبة، بلا طعم، لكنها في الحقيقة تحمل كل ما لا أريد البوح به. أقولها حين يضيق صدري ولا تسعفني الكلمات لوصف الاختناق، حين يتزاحم الألم في داخلي ولا أجد طاقة لنثره، حين يخذلني العالم، حين أصبح غريبة حتى عن نفسي، حين أغرق في الحزن ولا أريد أن أبدو ضعيفة.

"عادي" ليست مجرد إجابة، بل جدار أرفعه أمام الآخرين كي لا يروا الخراب في داخلي. هي ستار شفاف لا يخفي شيئاً، لكنه يكفي ليبعد الفضول، ليتركني في عزلتي دون أن أضطر إلى شرح ما لا يُشرح. كم من "عادي" قيلت بصوت ثابت، فيما صاحبتها تتأرجح على حافة الانهيار؟ كم من "عادي" ترددت في فم جاف، بين شفاه مرهقة، وعينين خذلهما البريق؟

أقولها وأنا أشعر بالخذلان، أقولها وأنا غارقة في حزن بلا ملامح، أقولها حين أكون على شفا البكاء، لكن لا أريد أن يسألني أحد: ماذا بكِ؟ لأنني ببساطة لا أملك جواباً، أو لأن الجواب أثقل من أن يُقال.

والمفارقة أن هذه الكلمة الصغيرة، التي أنطقها بلا اكتراث، قد تكون صرخة استغاثة مكتومة، أو جداراً أخيراً أتحصن خلفه من عالم لا يتوقف عن الدهس. لكنها، رغم ذلك، تبقى كلمة خادعة، تطمئن الآخرين بأنني بخير، بينما الحقيقة أنني لست كذلك.
هكذا قالت....

✍️ بقلمي: عمر أحمد العلوش




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

اغضب بقلم شحدة خليل العالول

اغضب اغضب فصوتك من لهب والعين تضرب من ضرب والليث يقدم معلنا زحف الخلاص لمن غصب للواقفين بسيفهم في وجه زيف يضطرب من قتلوا أولادنا من دمروا في...