الاثنين، 7 أبريل 2025

الشخص الخطأ بقلم عمر أحمد العلوش

(الشخص الخطأ )

ليس الذنب ذنب من أحب وغداً حباً صادقاً، وإنما هو ذنب من لم يستغل الفرصة كي يصبح إنساناً.

كم من قلبٍ صادقٍ طُعن، لا لأنه أخطأ، بل لأنه أحبّ الشخص الخطأ. وكم من روحٍ أنفقت نقاءها في حضرة من لم يدرك قيمته، وظلّت تؤمن، حتى اللحظة الأخيرة، أن الحبّ يمكن أن يصنع معجزة، أن يفتح نافذة للنور في جدارٍ صلب، أن يُلهم أحدهم ليكون أكثر صدقاً، أكثر شفافيةً، وأكثر حضوراً في حياة من يحبه.

لكن الحبّ، مهما كان عظيماً، لا يُصلح من لم يجد في نفسه الاستعداد للتغيير. ليس الحبّ درساً إجبارياً، وليس وعداً تلقائياً بالخلاص، إنه اختبار: البعض ينجح فيه، فيرتقي، والبعض يخسره، فيظل كما هو، وربما أكثر ضياعاً. أن يُحَبّ أحدهم بصدقٍ هو أن تُعرض عليه فرصةٌ نادرةٌ ليعيد النظر في ذاته، ليكون أفضل، ليخطو خطوة نحو شيءٍ أعمق. أما أن يترك هذه الفرصة تمرّ، أن يختار البقاء على هامش المشاعر دون أن يمنحها ما تستحق، فتلك خسارة لا يدركها إلا متأخراً.

إنهم يظنون أنهم يهربون، أنهم يُفلتون من قبضة الحبّ، لكن الحقيقة أنهم يُفلتون من أنفسهم. يبتعدون لأن البقاء يستلزم مواجهةً لا مع الآخر، بل مع ذواتهم، مع الأسئلة التي يهربون منها، مع المشاعر التي لم يعتادوا احتواءها. فالمسألة لم تكن يوماً مجرد قدرة على الوفاء أو الصدق، بل كانت رحلةً داخلية تحتاج إلى شجاعةٍ ربما لم تحن ساعتها بعد، إلى إدراكٍ قد يأتي متأخراً، لكنه لا يفقد قيمته أبداً.

لذلك، ليس الذنب ذنب من أحبّ بصدقٍ، بل هو ذنب من منحته الحياة فرصة أن يكون شيئاً آخر، لكنه لم يدرك قيمتها. من كان بإمكانه أن يكون حضوراً حقيقياً، لكنه بقي مجرد ظل، من امتدت إليه يدٌ بحب، لكنه لم يعرف كيف يمسك بها.

✍️ بقلمي: عمر أحمد العلوش

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

غدر الزمان بقلم قاسم الخالدي

غدر الزمان بكيت حتى ملءمن الكاس ادمع وعاشة جراحها بين ثناي اظلع وشكوة لله ماجرى وقلة حيلتي وكيف اصابة سهامها في مسمع اما مال فؤادها حين رأت ...