بُعْدُ الحَبِيبِ
(من شعري في فترة الدّراسة ... قبل أكثر من نصف قرن.)
بَـعُــدَ الـحَبِيبُ وحُـبُّـهُ لَمْ يَبْعُدِ
مُـتَـجَـلِّدًا، وصَبَـابَتِي لَــمْ تَـجْلَدِ
أَتُرَاهُ عَـمْدًا شَاءَ هَجْرًا؟ فَانْثَنَى
لِيُــذِيـقَـنِي كَأْسَ الـغَـرَامِ الأَرْبَدِ
أَتُـرَاه نُـورُ البُـرْءِ مَا شَاهَدْتُـهُ
فِي عَيْنِهِ؟أَمْ كَانَ بَرْقَ الأَحْقَدِ
أَتُرَاهُ ثَغْر العَـطْفِ مَا آنَسِتُــهُ؟
أَمْ كَـانَ ثَغْـرَ النَّاقِـمِ الـمُـتَـهَدِّدِ
أَمِنَ الهَوَى تَبْكِي؟يَقُولُ عَوَاذِلِي
ولَـقَدْ عَـهِـدْنَا أَنْ نَرَاكَ فَنَقْـتَدِي
ذَهَبَ الـهَوَى مِنْ نَظْرَةِ أَلْقَيْتَـهَا
عَـرَضًـا بِلُبِّكَ والنُّـهَى الـمُتَوَقِّدِ
وتَفَتَّـتَتْ مِنْكَ الـحُشَاشَةُ زَفْرَةً
فَـتَـقُولُ:"آهٍ"دُونَ "أُوهِ" الأَكْبَدِ
وتَمُوتُ سِرًّا بِالهَوَى دُونَ الوَرَى
وحَبِيبُكَ النَّشْوَانُ حُرًّا يَغْتَدِي؟
تَـبًّا لِرَبَّاتِ الـحِجَالِ وضَـرْبِـهِـنْ
بِاللَّحْظِ، أَرْبَابَ العُقُولِ الـمُجَّدِ.
فَأَجَـبْـتُـهُـمْ، والدَّمْـعُ بَلَّلَ وَجْنَتِي
مُتَـسَاقِـطًا كَالـدُّرِّ أَوْ كَالعَسْجَـدِ:
كَـيْفَ التَّصَبُّـرُ والـحَبِيبُ بِغَفْلَةٍ
عَنِّـي وكَتْمِي لِلْـهَـوَى مُتَـوَعِّدِي؟
كَيْفَ التَّصَبُّرُ والجَوَى فِي دَاخِلِي
مُتَـمَكِّنُ الأَنْـفَاسِ والـفَمِ والـيَدِ؟
كَـيْفَ الـتَّـعَـلُّلُ والتَّـصَبُّـرُ نَـافِــدٌ
لَا شَكَّ فِي اليَوْمِ القَرِيبِ أَوِ الغَدِ؟
وحُشَاشَتِي لَـمْ يَـبْقَ فِـيــهَا، دَاخِلِي
إِلَّا فُــتَــاتًـا، قَـلَّ أَنْ لَـمْ يُـــفْـــصَـدِ؟
لَـوْ أَنَّ حِبِّـي بَاعَـنِي صَـبْـرًا حِـجًى
بِـطَـرَائِـفِ الأَحْـلَامِ ثُـمَّ الأَتْــلَـدِ
لَـقَـنِـعْتُ مِـنْهُ بِـنَـظْـرَةٍ فِي حِجَّـةِ
أَوْ هَـمْسَةٍ مِنْ طَيْفِهِ فِي المَرْقَدِ.
وتَـقُـودُنِي رِجْـلَايَ ، إِنِّي هَائِـمٌ
لِـمَكَـانِـهِ، فَـمَــكَانُــهُ هُـوَ مَعْبَدِي
وتُـسَمَّـرُ الـعَـيْـنَـانِ فِـيـهِ كَـأَنَّـمَـا
نَسَجَ الإِلَــهُ السِّحْـرَ فِـيـهِ بِالـيَدِ.
مَـنْ لِـي بِـخِـلٍّ أَشْتَكِـيهِ صَبَابَتِي
فَيُجِيرَنِي؟مَنْ لِي بِشَخْصٍ مُرْفِدِ؟
حمدان حمّودة الوصيّف ... (تونس)
"خواطر" ديوان الجدّ والهزل.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق